الفراق أهداف تلك الأعمال ، وأنّه قصد إلى تخليص السفينة من الوقوع في يد سلطان غاصب وظالم ، ختم شرحه بقوله : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (١).
كذلك إذا رأى الإنسان رؤيا لا تتّضح له نتيجتها ، ثمّ تبيّن له تعبيرها بمراجعة شخص أو مشاهدة واقعة ، فذلك هو تأويل الرؤيا ، مثل يوسف عليهالسلام الذي قال حين تحقّقت رؤياه الشهيرة عمليا ، أو بعبارة اخرى حين وصلت مرحلتها النهائية (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) (٢).
وهكذا إذا صدر عن الإنسان كلام فيه مفاهيم وأسرار خاصّة تشكّل الهدف النهائي لذلك الكلام ، فذلك هو التأويل.
هذا هو معنى التأويل في الآية. أي أنّ في القرآن آيات ذات أسرار ومعان عميقة غير أنّ ذوي الأفكار المنحرفة والمقاصد الفاسدة يضعون من عندهم تفسيرا لا أساس له من الصحّة ويستندون إليه لخداع أنفسهم أو غيرهم.
وعليه ، فإنّ المقصود من (ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) هو أنّ هؤلاء يريدون أن يؤولوا الآيات بصورة تخالف حقيقتها ، أي ابتغاء تأويله على خلاف الحقّ.
وكما قرأنا في سبب نزول هذه الآية أنّ بعض اليهود أوّلوا تلك الحروف المقطّعة في القرآن تأويلا لا يتّفق مع الحقيقة ، فقالوا إنّها تحدّد عمر الإسلام. وهكذا المسيحيّون أساؤوا تأويل «روح منه» ليثبتوا ألوهيّة المسيح عليهالسلام. هذه كلّها من قبيل «التأويل بخلاف الحقّ» ، وإرجاعها إلى مقاصد بعيدة عن الحقيقة.
٤ ـ من هم الراسخون في العلم؟
هذا التعبير القرآني ورد في موضعين. هذا أحدهما هنا والآخر في سورة
__________________
(١) سورة الكهف : ٨٢.
(٢) سورة يوسف : ١٠٠.