الحجّ ، فهو بمثابة تكميل للأوامر السابقة ، أو أنّه يشمل جميع الحجّاج؟ اختار بعض المفسّرين الرأي الأوّل وقالوا أنّ المراد من محل الهدي أي محل الأضحية هو الحرم.
وقال آخرون أنّ المراد هو المكان الّذي حصل فيه المانع والمزاحم ويستدلّ بفعل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في واقعة الحديبيّة الّتي هي مكان خارج الحرم المكّي ، حيث أنّ رسول للهصلىاللهعليهوآلهوسلمبعد منع المشركين له ذبح هديه في ذلك المكان وأمر أصحابه أن يفعلوا ذلك أيضا.
يقول المفسّر الكبير المرحوم الطبرسي : (ذهب علمائنا إلى أنّ المحصور إذا كان بسبب المرض فيجب عليه ذبح الأضحية في الحرم ، وإذا كان بسبب منع الأعداء فيجب الذبح في نفس ذلك المكان الّذي منع به).
ولكنّ ذهب مفسرون آخرون إلى أنّ هذه الجملة ناظرة إلى جميع الحجّاج وتقول : لا يحقّ لأحد التقصير (حلق الرأس والخروج من الإحرام) إلّا أن يذبح هديه في محلّه (ذبح الهدي في الحجّ يكون في منى وفي العمرة يكون في مكّة) وعلى كلّ حال ، فالمراد من بلوغ الهدي محلّه هو أن يصل الهدي إلى محل الذبح فيذبح ، وهذا التعبير كناية عن الذبح.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار عموميّة التعبير الوارد في الآية الشريفة فالتفسير الثاني يكون أنسب ظاهرا بحيث يشمل المحصور وغير المحصور.
٤ ـ ثمّ تقول الآية (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
(نسك) في الأصل جمع (نسيكة) بمعنى حيوان مذبوح ، وهذه المفردة جاءت بمعنى العبادة أيضا (١) ولهذا يقول الراغب في المفردات بعد أن فسّر النسك
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٩٠.