٧ ـ ثمّ أنّ الآية الشريفة تتعرّض إلى بيان حكم آخر وتقول (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فعلى هذا لا يكون لأهل مكّة أو الساكنين في أطرافها حجّ التمتّع ، لأنّه يختصّ بالمسلمين خارج هذه المنطقة ، فالمشهور بين الفقهاء أنّ كلّ شخص يبعد عن مكّة ٤٨ ميلا فإنّ وظيفته حجّ التمتّع ، وأمّا إذا كان دون هذه المسافة فوظيفته حجّ القران أو الإفراد والّذي تكون عمرته بعد الإتيان بمراسم الحجّ (وتفصيل هذا الموضوع وبيان مراتبه مذكور في الكتب الفقهيّة).
وبعد بيان هذه الأحكام السبعة تأمر الآية في ختامها بالتقوى وتقول (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ولعلّ هذا التأكيد يعود إلى أنّ الحجّ عبادة إسلاميّة هامّة ولا ينبغي للمسلمين التّساهل في أداء مناسكه وأنّ ذلك سيؤدّي إلى إضرار كثيرة ، وأحيانا يسبّب فساد الحجّ وزوال بركاته المهمّة.
* * *
بحوث
١ ـ أهميّة الحجّ بين الواجبات الإسلاميّة
يعتبر الحجّ من أهم العبادات التي شرّعت في الإسلام ولها آثار وبركات كثيرة جدّا ، فهو مصدر عظمة الإسلام وقوّة الدّين واتّحاد المسلمين ، والحجّ هو الشعيرة العباديّة التي ترعب الأعداء وتضخ في كلّ عام دما جديدا في شرايين المسلمين.
والحجّ هو تلك العبادة الّتي أسماها أمير المؤمنين عليهالسلام ب (علم الإسلام وشعاره) وقال عنها في وصيته في الساعات الأخيرة من حياته (الله الله في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم فإنّه إن ترك لم تناظروا) (١) أي أنّ البلاء الإلهي سيشملكم
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكتاب ٤٧ ، وصية الإمام لابنيه الحسن والحسين.