فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
وتدحض الآية الثالثة كلّ هذه الخيالات الباطلة وتقول : لا شكّ أنّ هؤلاء سوف يلاقون يوما يجتمع فيه البشر أمام محكمة العدل الإلهي فيتسلّم كلّ فرد قائمة أعماله ، ويحصدون ناتج ما زرعوه ، ومهما يكن عقابهم فهم لا يظلمون لأنّ ذلك هو حاصل أعمالهم (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
يتّضح من (ما كَسَبَتْ) أنّ عقاب المرء وثوابه يوم القيامة وفوزه وخذلانه في العالم الآخر إنّما يرتبط بأعماله هو ، ولا يؤثّر فيه شيء آخر. هذه حقيقة أشير إليها في كثير من الآيات الكريمة.
* * *
سؤالان
١ ـ أيمكن للإنسان أن يختلق كذبا أو افتراء وينسبه إلى الله ، ثمّ يتأثّر به هو ويعتوره الغرور إلى تلك الدرجة التي أشار إيها القرآن في الآيات السابقة بالنسبة لليهود؟
ليس من العسير الردّ على هذا السؤال ، وذلك لأنّ قضية خداع النفس من القضايا التي يعترف بها علم النفس المعاصر. إنّ العقل الإنساني يسعى أحيانا إلى استغفال الضمير بأنّ يغيّر وجه الحقيقة في عين ضميره. كثيرا ما نشاهد أناسا ملوّثين بالذنوب الكبيرة ، كالقتل والسرقة وأمثالها ، على الرغم من إدراكهم تماما قبح تلك الأعمال يسعون لإظهار ضحاياهم بأنّهم كانوا يستحقّون ما أصابهم لكي يسبغوا هدوءا كاذبا على ضمائرهم ، وكثيرا ما نرى المدمنين على المخدّرات يبرّرون فعالهم بأنّهم يستهدفون الفرار من مصائب الدنيا ومشاكلها.
ثمّ إنّ هذه الأكاذيب والافتراءات عن تفوّقهم العنصري التي حاكتها الأجيال