التّفسير
الحب الحقيقي :
تقول الآية الأولى إنّ الحبّ ليس بالعلاقة القلبية فحسب ، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان. إنّ من يدّعي حبّ الله ، فعليه أوّلا اتّباع رسوله : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي).
في الواقع أنّ من آثار الحبّ الطبيعية انجذاب المحبّ نحو المحبوب والاستجابة له. صحيح أنّ هناك حبّا ضعيفا لا تتجاوز أشعّته جدران القلب ، إلّا أنّ هذا من التفاهة بحيث لا يمكن اعتباره حبّا. لا شكّ أنّ للحبّ الحقيقي آثارا عملية تربط المحبّ بالحبيب وتدفعه للسعي في تحقيق طلباته.
والدليل على ذلك واضح ، فحبّ المرء شيئا لا بدّ أن يكون بسبب عثوره على أحد الكمالات فيه. لا يمكن أنّ يحبّ الإنسان مخلوقا ليس فيه شيء من قوّة الجذب ، وعليه فإنّ حبّ الإنسان لله ناشئ من كونه منبع جميع الكمالات وأصلها. إنّ محبوبا هذا شأنه لا بدّ أن تكون أوامره كاملة أيضا ، فكيف يمكن لإنسان يعشق الكمال المطلق أن يعصي أوامر الحبيب وتعاليمه ، فإن عصى فذلك دليل على أنّ حبّه غير حقيقي.
هذه الآية لا تقتصر في ردّها على مسيحيّي نجران والذين ادّعوا حبّ الله على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل هذا الردّ أصيل وعامّ في منطق الإسلام موجّه إلى جميع العصور والقرون. إنّ الذين لا يفتأون ـ ليل نهار ـ يتحدّثون عن حبّهم لله ولأئمّة الإسلام وللمجاهدين في سبيل الله وللصالحين والأخيار ، ولكنّهم لا يشبهون أولئك في العمل ، هم كاذبون.
أولئك الغارقون في الذنوب من قمة الرأس حتّى أخمص القدم ، ومع ذلك فهم يرون أن قلوبهم مليئة بحبّ الله ورسوله وأمير المؤمنين والأئمّة العظام ، أو الذين