الطواف أيضا ، وفي اليوم الحادي عشر والثاني عشر يرمي في منى الجمرات الثلاثة واحدة بعد الاخرى بسبعة أحجار صغيرة ، ويبقى في ليلة الحادي عشر والثاني عشر في أرض منى ، وبهذا الترتيب تكون مناسك الحجّ إحياء لذكرى تاريخيّة وعبارة عن كنايات وإشارات لمسائل تتعلّق بتهذيب النفس ولها أغراض اجتماعيّة كثيرة ، وسوف نستعرض كلّ واحدة منها في الآيات المناسبة له.
٣ ـ لماذا نسخ البعض حجّ التمتّع؟
إنّ ظاهر الآية محل البحث هو أنّ وظيفة الأشخاص البعيدين عن مكّة هي حجّ التمتّع (الحجّ الّذي يبتدأ بالعمرة وبعد الانتهاء منها يخرج من الإحرام ثمّ يجدّد الإحرام للحجّ ويأتي بمناسك الحجّ) وليس لدينا دليل إطلاقا على نسخ هذه الآية ، بل إنّ الروايات الكثيرة في كتب الشيعة وأهل السنّة وردت في هذا الصدد ، ومن جملة المحدّثين المعروفين من أهل السنّة (السنائي في كتاب السنن) و (أحمد في كتاب المسند) و (ابن ماجة في كتابه السنن) و (البيهقي في السنن الكبرى) و (الترمذي في صحيحه) و (مسلم أيضا في كتابه المعروف بصحيح مسلم) فهناك وردت روايات كثيرة في حجّ التمتّع وأن هذا الحكم لم ينسخ وهو باق إلى يوم القيامة. والكثير من فقهاء أهل السنّة أيضا ذهبوا إلى أنّ أفضل أنواع الحجّ هو حجّ التمتع بالرّغم من أنّهم أجازوا إلى جانبه حجّ القران والإفراد (بذلك المعنى الّذي تقدّم آنفا من الفقهاء).
ولكنّ هناك حديث معروف نقل عن عمر بن الخطاب حيث قال (متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ويعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحجّ).
يقول «الفخر الرازي» في ذيل الآية مورد البحث بعد نقل هذا الحديث عن عمر:إنّ المراد من متعة الحجّ هو أن يجمع بين الإحرامين (إحرام الحجّ وإحرام