سبيل هداية الناس نالوا نوعا من التميّز الاكتسابي ، الذي امتزج بتميّزهم الذاتي ، فكانوا من المصطفين.
(ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) (١).
تشير هذه الآية إلى أنّ هؤلاء المصطفين كانوا ـ من حيث الإسلام والطهارة والتقوى والجهاد في سبيل هداية البشر ـ متشابهين ، بمثل تشابه نسخ عدّة من كتاب واحد ، يقتبس كلّ من الآخر : (بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ).
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
في النهاية تشير الآية إلى حقيقة أنّ الله كان يراقب مساعيهم ونشاطهم ، ويسمع أقوالهم ، ويعلم أعمالهم. وفي هذا إشارة أيضا إلى مسئوليات المصطفين الثقيلة نحو الله ومخلوقات الله.
في هذه الآية إشارة إلى جميع الأنبياء من أولي العزم ، فبعد نوح الذي صرّح باسمه ، يأتي آل إبراهيم الذين يضمّون نوحا نفسه وموسى وعيسى ونبيّ الإسلام.
وذكر آل عمران تكرار للإشارة إلى السيّدة مريم والمسيح ، بالنظر لكون هذه الآية مقدّمة لبيان حالهما.
١ ـ امتياز الأنبياء :
هنا يبرز هذا السؤال : على الرغم من أنّ هذا التميّز لم يجبر الأنبياء على السير في طريق الحقّ ، وأنّه لا يتعارض مع حريّة الإرادة والإختيار ، ولكن ألا يعتبر نوعا من التفضيل؟
__________________
(١) «الذرية» أصلها الصغار من الأولاد. وقد يشمل الأبناء الصغار والكبار أيضا بلا واسطة أو مع الواسطة ، والكلمة من (الذرء) ، بمعنى الخلق والإيجاد.