فأجابه الله تعالى (قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) فلما سمع زكريا هذا الجواب الموجز الذي يشير إلى نفوذ إرادته تعالى ومشيئته ، قنع بذلك.
* * *
بحوث
١ ـ هل العزوبة فضيلة؟
هنا يتبادر إلى الذهن سؤال يقول : إذا كان «الحصر» هو العزوف عن الزواج ، فهل هذا محمدة يمتاز بها الإنسان ، بحيث يوصف بها يحيى؟
في الجواب نقول : ليس هناك ما يدلّ على أنّ «الحصر» المذكور في الآية يقصد به العزوف عن الزواج ، فالحديث المنقول بهذا الخصوص ليس موثوقا به من حيث أسانيده. فلا يستبعد أن يكون المعنى هو العزوف عن الشهوات والأهواء وحبّ الدنيا ، وفي صفات الزاهدين.
ثانيا : من المحتمل أن يكون يحيى ـ مثل عيسى ـ قد عاش في ظروف خاصّة اضطرّته إلى الترحال من أجل تبليغ رسالته ، فاضطرّ إلى حياة العزوبة. وهذا لا يمكن أن يكون قانونا عامّا للناس. فإذا مدحه الله لهذه الصفة فذلك لأنّه تحت ضغط ظروفه عزف عن الزواج ، ولكنّه استطاع في الوقت نفسه أن يحصن نفسه من الزلل وأن يحافظ على طهارته من التلوّث. إنّ قانون الزواج قانون فطري ، فلا يمكن في أيّ دين أن يشرع قانون ضدّه. وعليه فالعزوبة ليست صفة محمودة ، لا في الإسلام ولا في الأديان الاخرى.
٢ ـ يحيى وعيسى
«يحيى» من الحياة وتعني البقاء حيّا ، وقد اختيرت هذه الكلمة اسما لهذا النبيّ