لخدمة بيت الله ، فليتعهّد أحدكم بتربيتها. ولمّا كانت مريم من أسرة معروفة «آل عمران» ، أخذ علماء بني إسرائيل يتنافسون في الفوز بتعهّد تربيتها. وأخيرا اتّفقوا على إجراء القرعة بينهم ، فجاءوا إلى شاطئ نهر وأحضروا معهم أقلامهم وعصيّهم التي كانوا يقترعون بها. كتب كلّ واحد منهم اسمه على قلم من الأقلام ، وألقوها في الماء ، فكلّ قلم غطس في الماء خسر صاحبه ، والرابح يكون من يطفو قلمه على الماء : غطس القلم الذي كتب عليه اسم زكريا ، ثمّ عاد وطفا على سطحه ، وبذلك أصبحت مريم في كفالته ، وقد كان في الحقيقة أجدرهم بذلك ، فهو نبي وزوج خالة مريم.
الاقتراع الحلّ الأخير :
يستفاد من هذه الآية والآيات الأخرى الخاصّة بيونس في سورة الصافّات أنّ من الممكن اللجوء إلى القرعة لحلّ النزاع والخصام الذي يصل إلى طريق مسدود بحيث لا يكون هناك أيّ حلّ مقبول من أطراف النزاع. هذه الآية بالإضافة إلى الأحاديث الواردة عن أئمّة الإسلام كانت سببا في اعتبار القرعة قاعدة فقهية يجري بحثها في الكتب الإسلامية. ولكن شرط الالتجاء إلى القرعة هو الوصول إلى طريق مسدود تماما ، كما قلنا : لذلك إذا كان من الممكن العثور على طريق لحلّ مشكلة ما فلا يجوز اللجوء إلى القرعة.
ليس للاقتراع طريقة خاصّة في الإسلام ، فيجوز اتّخاذ العصي ، أو الحصى ، أو الورق وغير ذلك وسيلة له ، على أن لا يكون فيه أيّ تواطؤ.
من الواضح أنّ الإسلام لا يجيز الربح والخسارة عن طريق القرعة ، لأنّ الربح والخسارة ليسا من المشاكل التي يستعصي حلّها ليلجأ فيها إلى القرعة. لذلك فالربح الناشئ عن القرعة غير مشروع في الإسلام.