ثمّ لتوكيد هذا الأمر وإنهائه يقول (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
إنّ تعبير «كن فيكون» إشارة إلى سرعة الخلق.
بديهيّ أن لفظة «كن» تشير في الحقيقة إلى إرادة الله الحاسمة التي لا يعتورها الأخذ والرد. أي أنّه ما إن يشاء أمرا ويصدر أمره بالخلق حتّى تتحقّق مشيئته في عالم الوجود.
من الجدير بالالتفات أنّه بشأن خلق عيسى قال : «يخلق» ولكنّه بشأن خلق يحيى قبل بضع آيات قال : «يفعل». ولعلّ هذا الاختلاف في التعبير ناشئ من اختلاف طريقة خلق هذين النبيّين ، فأحدهما خلق بطريقة طبيعية ، والآخر خلق بطريقة خارقة للطبيعة. وهناك ملاحظة اخرى وهي أنّ هذه الآيات تذكر في بدايتها محادثة الملائكة مع مريم. وهنا محادثتها مع الله عزوجل ، وكأنها بلغ بها الوجد والجذبة الإلهيّة أن زالت الوسائط واتّصلت مع مبدأ العزة ، فأخذت تحدثه وتسمع منه مباشرة. (وطبعا لا إشكال في تكلّم غير الأنبياء مع الله تعالى إذا لم يكن بصورة الوحي).
* * *