الادّعاء بأنّه يفعل كذا وكذا بإذن الله ، ولكنّه لم يفعل منها شيئا أبدا! فإذا كان هذا الرأي قابلا للنقاش هنا ، فإنّ ما جاء في الآية ١١٠ من سورة المائدة لا مجال فيه لأيّ نقاش : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) ... لأنّ الآية تقول صراحة إنّ واحدة من نعم الله عليك أنّك كنت تصنع من الطين طيرا حيّا بإذن الله.
إنّ الإصرار على أمثال هذه التأويلات لا موجب له أبدا. لأنّه إذا كان الهدف إنكار أعمال الأنبياء الخارقة للعادة ، فإنّ القرآن يصرّح بها في كثير من المواضع ، فإذا استطعنا ـ فرضا ـ أن نؤوّل المعجزات فكيف بسائر المعجزات التي لا يمكن تأويلها؟
ثمّ إنّنا إذا كنا نقول إنّ الله هو الذي يحكم قوانين الطبيعة ، وليست هي التي تحكمه ، فما الذي يمنع هذه القوانين لطبيعية أن تتغيّر بأمر منه في ظروف استثنائية فتظهر حوادث بطرق غير طبيعية.
أمّا إذا تصوّر هؤلاء أن ذلك يتعارض مع وحدة أفعال الله وخالقيّته وكونه لا شريك له، فإنّ القرآن قد أجاب على هذا. فوقوع هذه الحوادث أينما وقعت مشروط بأمر الله ، أي أنّ أحدا بقواه الخاصّة غير قادر على القيام بأمثال هذه الأعمال إلّا إذا شاء ، وبإمداد من قدرته اللامتناهية وهذا هو التوحيد عينه ، لا الشرك.
٢ ـ الولاية التكوينية
تفيد هذه الآية وآيات أخرى سوف نتطرّق إليها ـ إن شاء الله ـ أنّ رسل الله وأولياءه يستطيعون بإذن منه وبأمره ـ إذا اقتضى الأمر ـ أن يتدخّلوا في عالم الخلق والتكوين ، وأن يحدثوا ما يعتبر خارقا للقوانين الطبيعية. فاستعمال أفعال مثل «أبرئ» و «أحيي الموتى» وبضمير المتكلّم تدلّ على أنّ هذه الأفعال من عمل الأنبياء أنفسهم ، وأنّ القول بأنّ هذه الأفعال كانت تقع بسبب دعائهم فقط هو