التّفسير
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ....
بعد الآيات التي استدلّ فيها على بطلان القول بالوهية عيسى بن مريم ، يأمر الله نبيّه بالمباهلة إذا جاءه من يجادله من بعد ما جاء من العلم والمعرفة. وأمره ان يقول لهم : إنّي سأدعو أبنائي ، وأنتم ادعوا أبناءكم ، وأدعو نسائي ، وأنتم ادعوا نساءكم ، وأدعو نفسي ، وتدعون أنتم أنفسكم ، وعندئذ ندعو الله أن ينزل لعنته على الكاذب منّا (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
ولا حاجة للقول بأنّ القصد من المباهلة لم يكن إحضار جمع من الناس للّعن ، ثمّ ليتفرّقوا كلّ إلى سبيله ، لأنّ عملا كهذا لن يكون له أيّ تأثير ، بل كان المنتظر أن يكون لهذا الدعاء واللعن أثر مشهود عيانا فيحيق بالكاذب عذاب فوري.
وبعبارة أخرى : فإنّ المباهلة ـ وإن لم يكن في الآية ما يشير إلى تأثيرها ـ كانت بمثابة «السهم الأخير» بعد أن لم ينفع المنطق والاستدلال ، فإنّ الدعاء وحده لم يكن المقصود بها ، بل كان المقصود منها هو «أثرها الخارجي».
* * *
بحوث
١ ـ المباهلة دليل قاطع على أحقية نبي الإسلام :
لعلّ قضية المباهلة بهذا الشكل لم تكن معروفة عند العرب ، بل كانت أسلوبا يبيّن صدق النبيّ وإيمانه بشكل قاطع. إذ يكف يمكن لمن لا يؤمن كلّ الإيمان