عليك. أمّا بعد ، فقد قرأت كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه ، وقد علمت أنّ نبيّا قد بقي ، وقد كنت أظنّ أنّه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك ...» ثمّ عدّد له الهدايا التي بعثها إليه وختم رسالته بعبارة «والسلام عليك» (١).
تقول كتب التاريخ إنّ المقوقس أرسل نحو أحد عشر نوعا من الهدايا وبينها طبيب أرسله لمعاجلة مرضى المسلمين. فقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الهدايا ، لكنّه أرجع الطبيب قائلا: «إنّا قوم لا نأكل حتّى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع» مشيرا بذلك إلى أنّ هذه القاعدة في تناول الطعام كافية لحفظ صحّة المسلمين (ولعلّه ـ إضافة إلى هذه القاعدة الصحّية العظيمة ـ لم يكن يأمن جانب الطبيب الذي كان مسيحيا وربما كان الطبيب متعصّبا أيضا،فلم يشأ أن يترك أرواح المسلمين بين يديه).
إن إكرام المقوقس سفير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والهدايا التي أرسلها إليه ، وتقديم اسم محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم على اسمه ، تدلّ كلّها على أنّه كان قد قبل دعوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قرارة نفسه، أو أنّه ـ على الأقل ـ مال إلى الإسلام. ولكنّه لكيّ لا يهتزّ مركزه امتنع عن إظهار ذلك علنا.
٢ ـ رسالة إلى قيصر الروم
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمّد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد ، فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام. أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الأريسيّين (٢). يا اهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألّا نعبد إلّا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذّ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون».
كان حامل رسالة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى القيصر رجل اسمه «دحية الكلبي».
__________________
(١) مكاتيب الرسول : ج ١ ص ١٠٠.
(٢) الأريسيون : هم العنصر الرومي والعمال.