الشمس فيشتغلوا بالعبادة والذكر ، ثمّ الوقوف ب (المشعر الحرام أو المزدلفة) حيث يبيتون هناك ليلة عيد الأضحى ويبقون هناك إلى قبل طلوع الشمس مشغولين بالدعاء والمناجاة مع الله تعالى ، والثالث أرض (منى) وهي محل ذبح الأضاحي ورمي الجمرات وحلّ الإحرام وأداء مناسك العيد.
* * *
بحوث
١ ـ أول موقف للحجيج
تقدّم أنّ حجّاج بيت الله الحرام يتّجهون بعد أداء مناسك العمرة نحو أداء مناسك الحجّ ، وأوّل موقف يقفون فيه هو في «عرفات» ، وهي صحراء واسعة تقع على بعد أربعة فراسخ من مكّة يقف فيها الحاج من ظهر يوم التاسع من ذي الحجّة حتّى غروب ذلك اليوم. وفي سبب تسمية هذه الأرض بهذا الاسم قيل : إنّ إبراهيم عليهالسلام قال حين أراه جبرائيل مناسك الحجّ : «عرفت ، عرفت».
وقيل إن هذه القصة وقعت لآدم وحواء ، وقيل أيضا أن آدم وحواء تعارفا في هذا المكان ، وقيل أن حجاج بيت الله يتعارفون فيما بينهم في هذا المكان ، وتفسيرات أخرى(١)(٢).
ولا يبعد أن تكون التسمية إشارة إلى حقيقة أخرى أيضا ، وهي أن هذه الأرض المشرّفة التي تبدأ منها أولى مراحل الحجّ محيط مناسب جدّا لمعرفة الله
__________________
(١) ذكر الفخر الرازي هنا ثمانية أقوال في معنى «عرفات» (ج ٥ ، ص ١٧٣ ـ ١٧٤).
(٢) هناك بحث بين المفسرين في أن «عرفات» مفرد أو جمع لـ «عرفة». وقيل أن «عرفة» اسم زمان للأعمال في يوم التاسع من ذي الحجة و «عرفات» اسم ذلك المكان (روح المعاني ، ج ٢ ، ص ٨٧).