لأنفسهم حرّية العمل ، فاستندوا إلى هذا الزعم المزيّف للاعتداء على حقوق الآخرين بدون حقّ. حيث يتلاعبون بمصائر شعوب العالم ، ولا يتورّعون عن ارتكاب كلّ اعتداء على حقوق الإنسان ، ويرون القوانين مجرّد العوبة بيدهم لتحقيق مصالحهم ، فتقول : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
تقرر هذه الآية أنّ مقياس الشخصية والقيمة الإنسانية ومحبّة الله يتمثّل في الوفاء بالعهد وفي عدم خيانة الأمانة خاصّة ، وفي التقوى بشكل عامّ ، أجل ، إن الله يحب هؤلاء، لا الخوانة الكذابين الذين يبيحون لأنفسهم غصب حقوق الآخرين ويتجرءون كذلك على نسبتها إلى الله تعالى.
* * *
بحث
١ ـ اعتراض :
قد يقول قائل إنّ الإسلام قرّر أيضا مثل هذا الحكم بالنسبة لأموال الأجانب ، إذ أنّه يجيز الاستيلاء على أموالهم.
الجواب :
إنّ اتّهام الإسلام بهذا افتراء لا شكّ فيه ، إذ أنّ من أحكام الإسلام القاطعة الواردة في كثير من الأحاديث ، هو «ليس من الجائز خيانة الأمانة سواء أكانت الأمانة تخصّ مسلما أم غير مسلم ، وحتّى المشرك وعابد الأصنام».
في حديث معروف عن الإمام السجاد عليهالسلام قال : «عليكم بأداء الأمانة ، فوالذي بعث محمّدا بالحقّ نبيا لو أنّ قاتل أبي الحسين بن علي بن أبي طالب ائتمنني على السيف الذي قتله به لأدّيته إليه» (١).
__________________
(١) أمالي الصدوق : ص ١٤٩.