على بني إسرائيل قبل نزول التوراة ، كما يفيد قوله سبحانه (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) وإن كان قد حرمت ـ بعد نزول التوراة ومجيء موسى بن عمران ـ بعض الأطعمة الطيبة ، على اليهود لظلمهم وعصيانهم ، تنكيلا بهم ، وجزاء لظلمهم.
وتأكيدا لهذه الحقيقة أمر الله نبيه في هذه الآية أن يطلب من اليهود بأن يأتوا بالتوراة الموجودة عندهم ويقرءوها ليتبين كذب ما ادعوه ، وصدق ما أخبر به الله حول حلية الطعام الطيب كله إذ قال : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ولكنّهم أعرضوا عن تلبية هذا الطلب لعلمهم بخلو التوراة عن التحريم الذي أدعوه.
والآن بعد أن تبين كذبهم وافتراؤهم على الله لعدم استجابتهم لطلب النبي بإحضار التوراة ، فإن عليهم أن يعرفوا بأن كلّ من افترى على الله الكذب استحق وصف الظلم ، لأنه بهذا الافتراء ظلم نفسه بتعريضها للعذاب الإلهي ، وظلم غيره بتحريفه وإضلاله بما افترى ، وهذا هو ما يعنيه قوله سبحانه في ختام هذه الآية (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
التوراة الرائجة وتحريم بعض اللحوم :
نقرأ في الفصل الحادي عشر من سفر اللاوليين ضمن استعراض مفصل للحوم المحرّمة والمحلّلة : «كل ما شق ظلفا وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فإياه تأكلون. إلّا هذه فلا تأكلوها ممّا يجتر وممّا يشق الظلف. الجمل لأنه يجتر لكنّه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم».
من هذه العبارات نفهم أن اليهود كانوا يحرمون الإبل وكل ما شق ظلفا من البهائم ، ولكن ذلك لا يدلّ على أنها كانت محرمة في شريعة نوح وإبراهيم أيضا ، إذ