وقد وردت كلّ هذه المعاني في روايات منقولة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة من أهل بيتهعليهمالسلام.
ففي تفسير «الدرّ المنثور» عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي كتاب «معاني الأخبار» عن الإمام السجّاد أنهما قالا : «كتاب الله حبل ممدود من السماء».
وروى عن الإمام الباقر عليهالسلام أنه قال : «آل محمّد عليهمالسلام هم حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به فقال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
ولكنه ليس هناك ـ في الحقيقة ـ أي اختلاف وتضارب بين تلك الأقوال والأحاديث لأن المراد من الحبل الإلهي هو كلّ وسيلة للارتباط بالله تعالى سواء كانت هذه الوسيلة هي الإسلام ، أم القرآن الكريم ، أم النبي وأهل بيته الطاهرين.
وبعبارة اخرى فإن كلّ ما قيل يدخل بأجمعه في مفهوم ما يحقق «الارتباط بالله» سبحانه ـ الواسع ـ والذي يستفاد من معنى حبل الله.
التعبير بـ «حبل الله» لماذا؟
إن النقطة الجديرة بالاهتمام في هذه الآية هو التعبير عن هذه الأمور بحبل الله ، فهو إشارة إلى حقيقة لطيفة وهامة ، وهي أن الإنسان سيبقى في حضيض الجهل ، والغفلة ، وفي قاع الغرائز الجامحة إذا لم تتوفر له شروط الهداية ، ولم يتهيأ له الهادي والمربي الصالح فلا بدّ للخروج من هذا القاع ، والارتفاع من هذا الحضيض من حبل متين يتمسك به ليخرجه من بئر المادية والجهل والغفلة ، وينقذه من أسر الطبيعة ، وهذا الحبل ليس إلّا حبل الله المتين ، وهو الارتباط بالله عن طريق الأخذ بتعاليم القرآن الكريم والقادة الهداة الحقيقيين ، التي ترتفع بالناس من حضيض الحضيض إلى أعلى الذرى في سماء التكامل المادي والمعنوي.