الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتواصي بالحقّ ، والتواصي بالصبر في هذه الآيات وما شابهها عامة غير خاصّة.
والجواب :
إن الإمعان في مجموعة هذه الآيات يوضح لنا الجواب ، فإنه يستفاد منها أن «الأمر بالمعروف» و «النهي عن المنكر» مرحلتين : «المرحلة الفردية» التي يجب على كلّ واحد القيام بها بمفرده ، إذ يجب عليه أن يراقب تصرفات الآخرين ، و «المرحلة الجماعية» وهي التي تعتبر من مسئولية الأمة بما هي أمة ، حيث يجب عليها أن تقوم بمعالجة كلّ الاعوجاجات والانحرافات الاجتماعية ، وتضع حدّا لها ، بالتعاون بين أفرادها وأعضائها كافة.
ويعتبر القسم الأول من وظيفة الأفراد ، فردا فردا ، وحيث إن إمكانات الفرد وقدراته محدودة ، ولذلك فإن إطار هذا القسم يتحدد بمقدار هذه الإمكانات.
وأمّا القسم الثاني فإنه يعتبر واجبا كفائيا ، وحيث إنه من واجب الأمة بما هي أمة فإن حدوده يتسع ولهذا يكون من واجبات الحكومة الإسلامية ، وشؤونها بطبيعة الحال.
إن وجود هذين النوعين من مكافحة الفساد ، والدعوة إلى الحقّ يعتبران ـ بحقّ ـ من أهم التعاليم التي تتوج القوانين الإسلامية ، كما ويكشف عن سياسة تقسيم الواجبات والوظائف وتوزيع الأدوار في الدولة الإسلامية ، وعن لزوم تأسيس «فريق المراقبة» للنظارة على الأوضاع الاجتماعية والمؤسسات المختلفة في النظام الإسلامي.
وقد جرت العادة فيما سبق بوجود أجهزة خاصّة تقوم بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المستوى الاجتماعي في البلاد الإسلامية ، وقد كانت تسمى هذه الأجهزة تارة باسم «دائرة الحسبة» ويسمى موظفوها بالمحتسبين ، وتارة