رشحت لهذه المهمة الكبرى هو «قيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيمانها بالله» وهذا يفيد أن إصلاح المجتمع البشري لا يمكن بدون الإيمان بالله والدعوة إلى الحقّ، ومكافحة الفساد ، كما ويستفاد من ذلك أن هاتين الوظيفتين مع ما هما عليه من السعة في الإسلام ممّا تفرد بهما هذا الدين من دون بقية الشرائع السابقة.
أما لماذا يجب أن تكون هذه الأمة خير الأمم ، فسببه واضح كذلك. لأنها تختص بآخر الأديان الإلهية والشرائع السماوية ، ولا شكّ أن هذا يقتضي أن يكون أكمل الشرائع وأتمها في سلم الأديان.
وقفتان عند هذه الآية :
ثمّ إنه يتعين علينا أن ننتبه إلى نقطتين أخريين في هذه الآية وهما :
الأولى : التعبير بلفظ الماضي «كنتم» يعني أنكم كنتم كذلك في السابق ، ومفهوم هذا التعبير وإن كان موضع احتمالات كثيرة بين المفسّرين ، إلّا أن ما يترجح عند النظر هو أن التعبير بالمضي إنما هو لأجل التأكيد ، والتلويح بأن الشيء محقّق الوقوع ، ولذلك نظائر كثيرة في الكتاب العزيز حيث عبّر عن القضايا المحقّقة الوقوع بصيغة الفعل الماضي ، لإفادة أن ذلك ممّا يقع حتما حتّى أنه نزل منزلة الماضي الذي قد تحقّق فعلا.
الثانية : أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدّما ـ في هذه الآية ـ على الإيمان بالله ، وذلك خير شاهد على أهمية هاتين الفريضتين الإلهيتين ـ وخطورتهما ـ مضافا إلى أن القيام بهذين الواجبين المقدسين ممّا يوجب انتشار الإيمان ، واتساع رقعته ، وتعميق جذوره في النفوس ، وتنفيذ كلّ القوانين الفردية والاجتماعية ، ولا ريب أن ما يضمن تنفيذ القانون وتطبيقه مقدّم على نفس القانون.