الإمكانات؟ وجه ذلك أن أهم الإمكانات المادية تنحصر في أمرين :
الأول : الطاقة البشرية وقد ذكرت الأولاد كأفضل نموذج لها.
الثاني : الثروة الاقتصادية.
وأما بقية الإمكانات المادية الاخرى فتتفرع من هاتين.
إن القرآن ينادي بصراحة بأن الامتيازات المالية والقدرة البشرية الجماعية لا تعد امتيازا في ميزان الله ، وأن الاعتماد عليها وحدها هو الخطأ الجسيم إلّا إذا قرنت بالإيمان والعمل الصالح ، واستخدمت في سبيلهما ، وإلّا فستؤول بأصحابها إلى الجحيم وعذابها الخالد.(أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
ولما كان الكلام عن الثروة والمال كان لا بدّ من الإشارة إلى مسألة الإنفاق فيقول سبحانه : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ).
و «الصرّ» مأخوذ من «الإصرار» لغة ، وتعني الشد بقوّة وشدّة ، والمراد بها هنا هي الريح الشديدة سواء كانت مصحوبة بالبرد القارص ، أو الحر اللافح.
إنفاق الكفّار :
وفي هذه الآية إشارة إلى كيفية إنفاق الكفّار وبذلهم المصحوب بالرياء ، ضمن إعطاء مثل رائع يجسد مصير هذا الإنفاق والبذل ، ويصوره في أبلغ تصوير.
القرآن يمثل إنفاق الكفّار بالريح الشديدة الباردة أو اللافحة جدّا التي إذا هبت على الزرع لا تبقي منه شيئا ولا تذر ، بل تترك الزرع حطاما والأرض بلاقع.
إنه لا شكّ أن النسائم الخفيفة تنعش الزرع وتحيي الطبيعة ، فنسائم الربيع تفتح الأزهار ، وتصب في عروق الأشجار والنباتات روحا جديدة وحياة ونشاطا ، وتساعد على لقاحها ، وكذلك يكون الإنفاق الصحيح والبذل الذي ينبع