٤ ـ وأخيرا أعلن في الآيات ٢٧٥ إلى ٢٧٩ من سورة البقرة عن المنع الشامل والشديد عن جميع أنواع الربا ، واعتباره بمنزلة إعلان الحرب على الله سبحانه.
التحريم في الآية الحاضرة :
قلنا إن الآية الحاضرة إشارة إلى الربا الفاحش معبرة عن ذلك بقوله (أَضْعافاً مُضاعَفَةً).
والمراد من «الربا الفاحش» هو أن تكون الزيادة الربوية تصاعدية ، بمعنى أن تضم الزيادة المفروضة أولا على رأس المال ثمّ يصبح المجموع موردا للربا ، بمعنى أن الزيادة ثانيا تقاس بمجموع المبلغ (الذي هو عبارة عن رأس المال والزيادة المفروضة في المرة الأولى) ثمّ تضم الزيادة المفروضة ثانيا إلى ذلك المبلغ ، وتفرض زيادة ثالثة بالنسبة إلى المجموع (١).
وهكذا يصبح مجموع رأس المال والزيادة في كلّ مرّة رأس مال جديد تضاف عليه زيادة جديدة بالنسبة ، وبهذا يبلغ الدين أضعاف المبلغ الأصلي المدفوع إلى المديون حتّى يستغرق كلّ ماله.
ولهذا قال القرآن الكريم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً).
ويستفاد من الأخبار والروايات أن الرجل ـ في الجاهلية ـ إذا كان يتخلف عن أداء دينه عند الموعد المقرر طلب من الدائن أن يضيف الزيادة على المبلغ ثمّ يؤخره إلى أجل آخر،وهكذا حتّى يستغرق بالشيء الطفيف مال المديون.
__________________
(١) فإذا كان أصل المبلغ المدفوع إلى المديون أول مرّة هو (١٠٠) والزيادة المفروضة (١٠) فإذا تخلف عن الأداء ضمت الزيادة (١٠) إلى المبلغ (١٠٠) فيكون رأس المال (١١٠) وأضيفت إلى المجموع زيادة بنسبة (١١ خ) فإذا تخلف عن الأداء ثانيا ، ضمت الزيادة (١١) إلى (١١٠) فكان المجموع (١٢١) وهكذا فصاعدا.