كما استعمل هنا كاف التشبيه فيكون معنى هذه الآية هو أن سعة الجنة مثل سعة السماء والأرض ، ومعنى الآية المبحوثة هنا هو أن سعة الجنة هي سعة السماوات والأرض فيكون المعنيان سواء.
ثم إنه سبحانه يختم الآية الحاضرة بقوله (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) فهذه الجنة العظيمة الموصوفة بتلك السعة قد هيئت للذين يتقون الله ويخشونه ويجتنبون معاصيه ويمتثلون أوامره.
وينبغي أن نعلم أن المراد بالعرض هنا ليس هو الطول والعرض الهندسي بل المراد ـ كما عليه اهل اللغة ـ هو السعة.
وهنا سؤالان :
أولا : هل الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان بالفعل ، أم أنهما توجدان فيما بعد على أثر أعمال الناس؟
ثانيا : إذا كانت الجنة والنار موجودتين فعلا فأين تقعان ، وقد قال سبحانه بأن عرض الجنة عرض السماوات والأرض.
هل الجنة والنار موجودتان الآن؟
يعتقد أكثر العلماء المسلمين أن للجنة والنار وجودا خارجيا وفعليا ، وأن ظواهر الآيات القرآنية تؤيد هذه النظرية نذكر من باب النموذج ما يلي :
١ ـ ذكرت في الآية الحاضرة وآيات قرآنية اخرى لفظة «أعدت» وما شابه ذلك من مادة هذه اللفظة ، وقد استعملت تارة بشأن الجنة وتارة بشأن النار (١).
فيستفاد من هذه الآيات أن الجنة والنار معدتان فعلا ، وإن كانتا تتوسعان فيما
__________________
(١) راجع الآيات التالية : التوبة : ٨٩ ، التوبة : ١٠٠ ، الفتح : ٦ ، البقرة : ٢٤ ، آل عمران : ١٣١ ، آل عمران : ١٣٣ ، الحديد : ٢١.