لكونها تمثل دروسا كبيرة للمسلمين ، وهي في نفس الوقت تسلية للمؤمنين وتقوية لقلوبهم وتثبيت لأفئدتهم ، لأن هذه الغزوة ـ كما أسلفنا ـ انتهت بسبب تجاهل بعض الرماة لأوامر النبي المشدّدة بالبقاء في الثغرة ، بنكسة المسلمين ، واستشهاد ثلة كبيرة من أعيانهم وأبطال الإسلام البارزين ، ومن جملتهم «حمزة» عم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقد حضر النبي مع جماعة من أصحابه في تلك الليلة ، عند القتلى ، وجلس عند كلّ واحد من الشهداء كرامة له وبكى عنده واستغفر له ، ثمّ دفن جميع الشهداء عند «أحد» في جو من الحزن العميق ، فكان المسلمون بحاجة ـ في هذه اللحظات ـ إلى ما يمسح عنهم كآبة العزيمة ومرارة الانكسار ، ويقوي قلوبهم ويفيدهم درسا في نفس الوقت من نتائج النكسة وعبرها ـ فنزلت الآيات المذكورة هنا.
التّفسير
دراسة نتائج غزوة أحد :
في الآية الأولى من هذه الآيات حذر المسلمون من أن يعتريهم اليأس والفتور بسبب النكسة في معركة واحدة ، وأن يتملكهم الحزن وييأسوا من النصر النهائي ، قال سبحانه:(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أجل ، لا يحسن بهم أن يشعروا بالوهن أو يتملكهم الحزن لما حدث ، فالرجال الواعون هم الذين يستفيدون الدروس من الهزائم كما يستفيدونها من الانتصارات وهم الذين يتعرفون في ضوء النكسات على نقاط الضعف في أنفسهم أو مخططاتهم ، ويقفون على مصدر الخطأ والهزيمة ، ويسعون لتحقيق النصر النهائي بالقضاء على تلك الثغرات والنواقص والوهن المذكور في الآية ، هو ـ كما في