فهناك علاقة متقابلة بين تمحيص المؤمنين وارتقائهم في مدارج الخلوص والطهر ، ومراتب الصفاء والتقوى ، وبين انزياح الكفر والشرك واندثار معالمها وآثارهما عن ساحة الحياة الاجتماعية.
هذه هي الحقيقة الكبرى والخالدة التي يلخصها القرآن في هاتين الجملتين اللتين تشكل الأولى منها المقدمة والثانية النتيجة.
ثمّ إنه يفيدنا القرآن درسا من واقعة «أحد» في تصحيح خطأ فكري وقع فيه المسلمون فيقول : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) أي هل تظنون أنكم تنالون أوج السعادة المعنوية بمجرد اختياركم لاسم المسلم ، أو بمجرد أنكم حملتم العقيدة الإسلامية في الفكر دون أن تطبقوا ما يتبعها من التعاليم؟
لو كان الأمر كذلك لكان هينا جدا ، ولكن ليس كذلك حتما ، فإنه ما لم تطبق التعاليم التي تتبع تلك المعتقدات ، في واقع الحياة العملية لم ينل أحد من تلك السعادة العظمى شيئا.
وهنا بالذات يجب أن تتميز الصفوف ، ويعرف المجاهدون الصابرون عن غيرهم.
مزاعم جوفاء
ثمّ إنه كان هناك جماعة من المسلمين ـ بعد معركة «بدر» واستشهاد فريق من أبطال الإسلام ـ يتمنون الموت في أحاديثهم ومجالسهم ويقولون : ليتنا نلنا الشهادة في «بدر» ، ومن الطبيعي أن يكون بعض تلك الجماعة صادقين في تمنيهم والبعض الآخرون كاذبين يتظاهرون بهذه الأمنية ، أو يجهلون حقيقة أنفسهم ، ولكن لم يلبث هذا الوضع طويلا ، فسرعان ما وقعت معركة أحد الرهيبة المؤلمة ،