فقاتل المجاهدون الصادقون بشهامة وبسالة وصدق وكرعوا كؤوس الشهادة ، وحققوا أمانيهم ، ولكن الذين كانوا يتمنونها كذبا وتظاهرا ما إن رأوا علائم الهزيمة التي لحقت بالجيش الإسلامي في تلك الواقعة حتّى فروا خوفا وجبنا ، وظنا بنفوسهم وأرواحهم ، تاركين الساحة للعدو الغاشم ، فنزلت هذه الآية توبخهم وتعاتبهم إذ تقول : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ ، فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) فلما ذا فررتم وهربتم من الشيء الذي كنتم تتمنونه طويلا وكيف يفر المرء من محبوبه ، وهو يراه وينظر إليه؟
دراسة سريعة لعلل الهزيمة في «أحد» :
لقد مررنا في الآيات السابقة في هذا المقطع من الحديث على عبارات تكشف كلّ واحدة منها القناع عن واحدة من أسرار الهزيمة التي وقعت في معركة أحد ، وها نحن نشير إلى أهم وأبرز هذه العوامل التي تعاضدت فأدت إلى هذه النكسة المرة ، والحاوية لكثير من العبر في نفس الوقت ، وهذه العوامل هي :
١ ـ الخطأ في المحاسبة عند بعض المسلمين الحديثي العهد بالإسلام في فهم مفاهيمه وتعاليمه ، حيث إنهم تصوروا أن إظهار الإيمان وحده يكفي لتحقيق الإنتصار ، وإن الله ـ لذلك سينزل عليهم نصره ، ويمدهم بالقوى الغيبية في جميع الميادين ، ولهذا تناسوا وتجاهلوا السنن الإلهية في مجال الأسباب الطبيعية للانتصار من إختيار الخطة الصحيحة ، والإعداد القوى اللازمة ، واليقظة القتالية.
٢ ـ عدم الانضباط العسكري ومخالفة أوامر النبي القائد المشددة للرماة بالبقاء في الثغر من الجبل ، والذب عن ظهور المسلمين وقد كان هذا هو العامل الحقيقي المؤثر للهزيمة.
٣ ـ حب الدنيا والحرص على الحطام الذي دفع بعض المسلمين الحديثي