من مثلك يا علي يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة ، فأنزل الله على رسوله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن علي الآية.
ولهذا سمّيت هذه اللّيلة التاريخية بليلة المبيت ، ويقول ابن عباس نزلت الآية في علي حين هرب رسول الله من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام علي على فراش النبي.
ويقول (أبو جعفر الإسكافي) كما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المجلّد (٣) الصفحة (٢٧٠) «إنّ حديث الفراش قد ثبت بالتواتر فلا يجحده إلّا مجنون أو غير مخالط لأهل الملّة» (١).
التّفسير
التضحيّة الكبرى في دولة الهجرة التاريخيّة :
بالرّغم من أنّ الآية محل البحث تتعلّق كما ورد في سبب النزول بحادثة هجرة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وتضحية الإمام علي ومبيته على فراش النبي ، ولكنّ مفهومها ومحتواها الكلّي ـ ما في سائر الآيات القرآنية ـ عامّ وشامل ، وفي الحقيقة أنّها تقع في النقطة المقابلة للآيات السابقة الّتي تتحدّث عن المنافقين.
تقول الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ).
الطائفة السّابقة الّتي تحدّثنا عنها هي مجموعة من الأشخاص المعاندين والمغرورين والأنانيّين الّذين يحاولون أن يحقّقوا لهم بين المجتمع عزّة وكرامة
__________________
(١) ذكر صاحب الغدير : ج ٢ ص ٤٤ و ٥٥ أنّ ليلة المبيت رواها الغزالي في إحياء العلوم : ج ٣ ص ٢٣٨ ، والصفوي في نزهة المجالس : ج ٢ ص ٢٠٩ ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ، والسبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة الخواص : ص ٢١ ، ومسند أحمد : ج ١ ص ٤٨ وتاريخ الطبري : ج ٢ ص ٩٩ ـ ١٠١ ، وابن هشام في السيرة : ج ٢ ص ٢٩١ ، والحلبي في السيرة : ج ٢ ص ٢٩ ، وتاريخ اليعقوبي : ج ٢ ص ٢٩.