ما كانت المحقرات من الأشياء تعظم في عيونهم وأفكارهم ، فيتخذون الحجر والمدر والخشب معبودات وآلهة لهم ، يضعفون أمام الحوادث ضعفا عجيبا ويستكينون لها استكانة مذلة لأنهم سرعان ما يخطئون في حساباتهم وتقديراتهم ، فإذا ما حدث حادث طفيف ـ في حياتهم ـ كما لو سمعوا مثلا بأن المسلمين المهزومين عادوا مع جراحاتهم وجرحاهم إلى ساحة المعركة لملاحقة الأعداء ، عظم ذلك في عيونهم وكبر في نظرهم ، وحسبوا له أعظم حساب ، وخافوا من ذلك أشد الخوف ، وهي بعينها الحالة التي يعاني منها المستكبرون في عالمنا الراهن وعصرنا الحاضر ، حيث إننا نشاهد كيف يخافون من أصغر حادث ، فيتصورون الذرة جبلا والحبة قبة ، وذلك لأنهم لا يركنون إلى ركن وثيق ، ولم يختاروا لأنفسهم كهفا حصينا ، من إيمان صحيح وعقيدة مستقيمة.
لقد ظلم هؤلاء الكافرون أنفسهم وظلموا مجتمعاتهم ف : (مَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) وما أسوأه من مثوى ومآل.
الإنتصار بسبب خوف العدو :
تفيد روايات كثيرة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يمتاز في جملة ما يمتاز به أنه كان ينتصر على أعدائه بسبب خوفهم وإلقاء الرعب في قلوبهم (١).
إن هذا الموضوع يشير ـ في نفس الوقت ـ إلى أحد عوامل الإنتصار في المعارك والحروب وخاصة في مثل هذا اليوم الذي تعتبر فيه معنويات المقاتلين من أهم الأمور العسكرية ، ومن أهم القضايا في شؤون التكتيك الحربي.
ولهذا فإن لمعنوية المقاتلين المرتفعة من التأثير في تحقيق النصر ما ليس
__________________
(١) راجع كتاب الخصال وتفسير مجمع البيان.