التّفسير
الهزيمة بعد الإنتصار :
قاتل المسلمون في المرحلة الأولى من معركة «أحد» بشجاعة خاصّة ، ووقفوا وقفة رجل واحد فأحرزوا انتصارا سريعا ، وبددوا جيش العدو في أقرب وقت ، فدب السرور والفرح في المعسكر الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه كما أسلفنا ، إلّا أنّ تجاهل فريق من الرماة لأوامر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المشددة بالبقاء عند ثغر الجبل والمحافظة عليه سبّب في أن تنقلب الآية.
فقد أقدم ذلك الفريق من الرماة الذين كلّفهم النبي القائد صلىاللهعليهوآلهوسلم بحراسة الثغر الموجود في جبل «عينين» بقيادة «عبد الله بن جبير» على ترك موقعهم المهم جدا عند ما عرفوا بهزيمة قريش ، واشتغال المسلمين بجمع الغنائم ، وفسح هذا الأمر المجال لكمين من قريش في أن يهاجموا المسلمين من الخلف فيتحمل الجيش الإسلامي ضربة نكراء.
وعند ما عاد المسلمون بعد تحمل خسائر عظيمة إلى المدينة كان يسأل أحدهم رفيقه:ألم يعدنا الله سبحانه بالفتح والنصر ، فلما ذا هزمنا في هذه المعركة؟
فكانت الآيات الحاضرة جوابا على هذا السؤال ، وتوضيحا للعلل الحقيقية التي سببت تلك الهزيمة ، وإليك فيما يلي تفسير جزئيات هذه الآيات وتفاصيلها : قال سبحانه:(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) (١) (بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا) (٢) (فَشِلْتُمْ).
ففي هذه العبارة يشير القرآن الكريم بل ويصرح بأن الله قد صدق وعده وأنزل النصر على المسلمين في بداية تلك المعركة ، فقتلوا العدو ، وفرقوا جمعهم
__________________
(١) «الحس» القتل على وجه الاستئصال ، وسمي القتل حسا لأنه يبطل الحس.
(٢) «إذا» ليست هنا شرطية ، بل بمعنى «حين».