الناس من حوله ، وتفرقهم عنه ، إذ أن الجماعة رغم أنها أصيبت بالهزيمة النكراء ، وتحملت ما تحملت من القتلى والجرحى ، وكانوا هم السبب فى ذلك ، إلّا أنهم أحوج ما يكونون إلى العطف واللطف وإلى اللين والعفو ، وإلى البلاسم التي تبل جراحاتهم ، وإلى المراهم التي تهدئ خواطرهم ، حتّى يتهيئوا بعد شفائها واستعادة معنوياتهم إلى مواجهة أحداث المستقبل ، وتحمل المسؤوليات القادمة.
إن في هذه الآية إشارة صريحة إلى إحدى أهم الصفات التي يجب توفرها في أية قيادة، ألا وهي العفو واللين تجاه المتخلفين التائبين ، والعصاة النادمين ، والمتمردين العائدين ، ومن البديهي أن الذي يتصدى للقيادة لو خلى عن هذه الخصلة الهامة ، وافتقر إلى روح السماحة ، وافتقد صفة اللين ، وعامل من حوله بالخشونة والعنف والفظاظة فسرعان ما يواجه الهزيمة ، وسرعان ما تصاب مشاريعه وبرامجه بنكسات ماحقة ، تبدد جهوده ، وتذري مساعيه أدراج الرياح ، إذ يتفرق الناس من حوله ، فلا يمكنه القيام بمهام القيادة ومسئولياتها الجسمية ، ولهذا قال الإمام أمير المؤمنين مشيرا إلى هذه الخصلة القيادية الحساسة «آلة الرياسة سعة الصدر».
الأمر بالمشاورة :
بعد إصدار الأمر بالعفو العام يأمر الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يشاور المسلمين في الأمر ويقف على وجهات نظرهم ، وذلك إحياء لشخصيتهم ، ولبث الروح الجديدة في كيانهم الفكري والروحي اللذين أصابهما الفتور بعد الذي حدث.
على أن هذا الأمر للنبي بمشاورة المسلمين إنما هو لأجل أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كما أسلفنا ـ قد استشار المسلمين قبل الدخول في معركة «أحد» في كيفية مواجهة العدو واستقر رأي الأغلبية منهم على التعسكر عند جبل «أحد» فكان ما كان من