ثمّ إنه سبحانه يقول : (يَسْتَبْشِرُونَ) (١) (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ).
وهذه الآية ـ في الحقيقة ـ مزيد تأكيد وتوضيح حول البشائر التي يتلقاها الشهداء بعد قتلهم واستشهادهم. ، فهم فرحون ومسرورون من ناحيتين :
الأولى : من جهة النعم والمواهب الإلهية التي يتلقونها ، لا بها فقط بل لما يتلقونه من الفضل الإلهي الذي هو التصعيد المتزايد المستمر للنعم الذي يشمل الشهداء أيضا.
والثانية : من جهة أنهم يرون أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المؤمنين ... لا أجر الشهداء الذين نالوا شرف الشهادة ، ولا أجر المجاهدين الصادقين الذين لم ينالوا ذلك الشرف رغم اشتراكهم في المعركة : (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) أجل ، إنهم يرون بأم أعينهم ما كانوا يوعدون به ويسمعون بآذانهم.إنها فرحة مضاعفة.
شهادة على بقاء الروح
تعد الآيات الحاضرة من جملة الآيات القرآنية ذات الدلالة الصريحة على بقاء الروح.
فهذه الآيات تتحدث عن حياة الشهداء بعد الموت والقتل. وما يحتمله البعض من أن المراد بهذه الحياة هو معنى مجازي ، وأن المقصود هو بقاء اسمهم ، وخلود آثارهم ، وأعمالهم وجهودهم بعيد جدا عن معنى الآية ، وغير منسجم بالمرّة مع أي واحد من العبارات الواردة في الآيات الحاضرة ، سواء تلك التي
__________________
(١) الاستبشار يعني الابتهاج والسرور الحاصل بسبب تلقي بشارة أو مشاهدة نعمة للنفس أو للغير من الأحبة.
وليست بمعنى التبشير والإبشار.