الغلوّ الفاحش
هاهنا ننهي البحث عن المغالاة في مناقب الخلفاء ، ويهمّنا عندئذٍ أن نوقف القارئ على شرذمة قليلة من الكثير الوافي ممّا نسجته يد الغلوّ من قصص الخرافة ، وما لفّقته الأهواء والشهوات من فضائل أُناس من القوم منذ عهد الصحابة وهلمّ جرّاً ، ونلمسك باليد الغلوّ الفاحش :
ـ ١ ـ زيد بن خارجة يتكلّم بعد الموت
أخرج البيهقي (١) بإسناده عن سعيد بن المسيّب : أنّ زيد بن خارجة الأنصاري توفّي زمن عثمان بن عفان فسجّي بثوبه ، ثم إنّهم سمعوا جلجلة في صدره ثم تكلّم ثم قال : أحمد أحمد في الكتاب الأوّل ، صدق صدق أبو بكر الصدّيق ، الضعيف في نفسه ، القويّ في أمر الله في الكتاب الأوّل ، صدق صدق عمر بن الخطّاب القويّ الأمين في الكتاب الأوّل ، صدق صدق عثمان بن عفّان على منهاجهم مضت أربع وبقيت ثنتان أتت بالفتن ، وأكل الشديد الضعيف ، وقامت الساعة ، وسيأتيكم عن جيشكم خبر بئر أريس ، وما بئر أريس ؟!
وفي لفظ آخر (٢) من طريق النعمان بن بشير قال : الأوسط أجلد الثلاثة ، الذي
___________________________________
(١) دلائل النبوّة : ٦ / ٥٥ ، وانظر البداية والنهاية : ٦ / ١٧٣.
(٢) دلائل النبوّة : ٦ / ٥٦ ، وانظر البداية والنهاية : ٦ / ١٧٤.