وهنا مشكلةٌ أخرى لا تنحلّ ألا وهي : أنَّ ابن خارجة توفّي في عهد عثمان وأيّام خلافته ، فهل الصحابة العدول أو عدول الصحابة رأوا هذه المكرمة من كثب وصدّقوها وأذعنوا بنبأ ابن خارجة العظيم ، ثم نسوها مع قرب عهدهم بها كما نسوا عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم في مائة ألف أو يزيدون ، وأصفقوا على بكرة أبيهم المهاجر منهم والأنصار على قتل عثمان بعد تلك الحجّة البالغة وما شذَّ منهم محتجّاً على المتجمهرين عليه بنبأ ابن خارجة ، كأن لم يكن شيئاً مذكوراً ؟
وأنت تعرف مقدار عقليّة أُولئك الحفّاظ ومكانتهم من العلم والدين والثقة بروايتهم أمثال هذه المخازي وعدّهم إيّاها من الصحاح والمسانيد ، قاتل الله الحبَّ المعمي والمصمّ.
ـ ٢ ـ أنصاريٌّ يتكلّم بعد القتل
أخرج البيهقي (١) في عدّ من تكلّم بعد الموت ، قال : أنبأنا أبو سعيد بن أبي عمر ، حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا يحيى بن أبي طالب ، أنبأنا عليّ بن عاصم ، أنبأنا حصين بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عبيد الأنصاري ، قال : بينما هم يُوارون القتلى يوم صفّين أو يوم الجمل إذ تكلّم رجلٌ من الأنصار من القتلى فقال : محمد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الشهيد ، عثمان الرحيم. ثم سكت (٢).
قال الأميني : في الإسناد يحيى بن أبي طالب ، قال موسى بن هارون : أشهد أنّه يكذب عنّي في كلامه (٣). وعليّ بن عاصم ؛ قال خالد الحذّاء : كذّابٌ فاحذروه. وعن
___________________________________
(١) دلائل النبوّة : ٦ / ٥٨.
(٢) تاريخ ابن كثير : ٦ / ١٥٨ [ ٦ / ١٧٥ ]. ( المؤلف )
(٣) لسان الميزان : ٦ / ٢٦٢ [ ٦ / ٣٢٢ رقم ٩١٥٩ ]. ( المؤلف )