الفتح ، فملكهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أرقّاء له ، ثم منَّ عليهم وأطلقهم ، فسمّوا الطلقاء وبقي ذلك سبّة عليهم إلى آخر الدهر ، فراق داهية الأمويّين أن تكون تلك الشية ملصقة ببني هاشم سبّة عليهم ، لكنّه أكدت آماله ، وأخفقت ظنونه ، وفشل ما ارتآه بهذا الصلح الذي كان من ولائده الإبقاء على شرف البيت الهاشمي ، ودرء العار عنهم ، إلى نتائج مهمّة ، كلّ منها كان يلزم الإمام عليهالسلام بالصلح على كلّ حال ، وإن كان معاوية هو الخائن المائن في عهوده ومواثيقه ، والكائد الغادر بإلّه وذمّته ، فعهد إليه أن لا يسبَّ أباه على منابر المسلمين ، وقد سبّه وجعله سنّة متّبعة في الحواضر الإسلاميّة كلّها.
وعهد إليه أن لا يتعرّض لشيعة أبيه الطاهر بسوء ، وقد قتّلهم تقتيلاً ، واستقرأهم في البلاد تحت كلِّ حجر ومدر ، فطنّب عليهم الخوف في كلّ النواحي بحيث لو كان يقذف الشيعي باليهوديّة لكان أسلم له من انتسابه إلى أبي تراب سلام الله عليه.
وعهد إليه أن لا يعهد إلى أحد بعده وكتب إليه سلام الله عليه : إن أنت أعرضت عمّا أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجريت لك ما شرطت ، وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس :
وإن أحدٌ أسدى إليك أمانةً |
|
فأوف بها تدعى إذا متَّ وافيا |
ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى |
|
ولا تجفه إن كان في المال فانيا |
ثم الخلافة لك من بعدي ، فأنت أولى الناس بها (١). ومع هذا عهد إلى جروه ذلك المستهتر الماجن بعدما قتل الإمام السبط ليصفو له الجوّ.
ولمّا تصالحا كتب به الحسن كتاباً لمعاوية صورته :
___________________________________
(١) شرح ابن أبي الحديد : ٤ / ١٣ [ ١٦ / ٣٧ الوصية ٣١ ]. ( المؤلف )