حريٌّ بتلك البيعة أن يُشرّف بوسام من محبّذي ذلك الانتخاب الدستوري الذي لم يكن عن جدارة ، كما استحقّ بها أبو عبيدة الجرّاح ـ حفّار القبور ـ أن يقبّل رجله عمر بن الخطّاب (١) ، ومن هنا تجد عائشة تثني على أُسيد بقولها : كان من أفاضل الناس. وقولها : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحدٌ يعتدّ عليهم فضلاً بعد رسول الله : سعد ابن معاذ ، وأُسيد بن حضير ، وعبّاد بن بشر (٢) ، تقوله أُمّ المؤمنين وهي تعلم أنَّ من الأنصار بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقيةً صالحةً بدريين عقمت أُمُّ الدهور أن تأتي بمثلها كأبي أيّوب الأنصاري ، وخزيمة ذي الشهادتين ، وجابر بن عبد الله ، وقيس بن سعد ، إلى أُناس آخرين.
نعم ؛ هؤلاء لا يروق أُمّ المؤمنين ذكرهم لأنّهم علويّون في ولائهم ، وأمّا أُسيد فهو جديرٌ بهذه المدحة البالغة من أُمّ المؤمنين لنقضه عهد المصطفى في أخيه علم الهدى ، وتسرّعه إلى بيعة أبيها وتدعيمه خلافته ، فهو تيميُّ المبدأ والمنتهى. وعبّاد بن بشر لا تقصر خطواته في تلك الخلافة عن أُسيد ، وقد قُتل تحت راية أبي بكر يوم اليمامة ، ولعائشة ثناءٌ جميل عليه.
ـ ٥ ـ خمر صارت عسلاً بدعاء خالد
عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال : أُتي خالد بن الوليد برجل معه زقّ خمر ، فقال له خالد : ما هذا ؟ فقال : عسل. فقال : اللّهمّ اجعله خلّاً. فلمّا رجع إلى أصحابه قال : جئتكم بخمر لم يشرب خمرٌ مثله. ثم فتحه فإذا هو خلٌّ. فقال : أصابته والله دعوة خالد رضي الله عنه. وفي لفظ : اللّهمّ اجعله عسلاً. فصار عسلاً.
___________________________________
(١) تاريخ ابن كثير : ٧ / ٥٥ [ ٧ / ٦٥ حوادث سنة ١٥ هـ ]. ( المؤلف )
(٢) أُسد الغابة : ٣ / ١٠٠ [ ٣ / ١٥١ رقم ٢٧٥٩ ] ، مجمع الزوائد : ٩ / ٣١٠. ( المؤلف )