عن أنَّ ما افتعله يمسّ كرامة الرجل ، ونحن نجلّ ساحة قدس المولى سبحانه عن أن تكون عنده إجابة لمثل هذه الدعوة الصادرة عن الجهل.
ـ ١١ ـ الظبي يُحبَس بدعاء أبي مسلم
أخرج ابن عساكر في تاريخه (١) ( ٧ / ٣١٧ ) عن بلال بن كعب قال : ربّما قال الصبيان لأبي مسلم الخولاني : ادع الله يحبس علينا هذا الظبي. فيدعو الله فيحبسه حتى يأخذوه بأيديهم.
قال الأميني : لقد راق القوم أن لا يدعوا للأنبياء والرسل معجزة أو آية إلّا وسحبوها إلى من أحبّوه من رجال عاديّين ، بل راقهم أن يثبتوا لأوليائهم كلّ شيء أباحه العقل أو أحاله ، أنا لا أدري أيريدون بذلك تخفيضاً من مقام الرسل ؟ أو ترفيعاً لهؤلاء ؟ وأيّاً ما أرادوا فحسب رواة السوء رواية غير المعقول ، وخلط الحابل بالنابل .
أتعرف أبا مسلم الخولاني صاحب هذه الخزعبلات ؟ أتدري لماذا استحقّ الرجل نسج هذه الكرامات له على نول الافتعال ؟ أتصدِّق أن يكون تحت راية ابن هند في الفئة الباغية رجلٌ إلٰهيّ يؤمَن إليه ولإيمانه ، ويصدَّق زلفاه إلى ربّه ، فضلاً عن أن يكون صاحب حفاوة وكرامة ؟! أتزعم أن تربِّي قاعة الشام في عصر معاوية إنساناً يعرف ربّه ، ويكون من أمره على بصيرة ، ولا تزحزحه عن سبيل الحقِّ والرشاد رضائخ ذلك الملك العضوض ؟! نعم ؛ إنَّما نسجت يد الاختلاق هذه المفتعلات كوسام لأبي مسلم شكراً على تقدّمه في ولاء أبناء بيت أُميّة ، وعدائه المحتدم لأهل بيت الوحي ، كان الرجل عثمانيّاً أُمويّ النزعة ، خارجاً على إمام زمانه
___________________________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٢٧ / ٢١٥ رقم ٣٢١٣ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٦٠.