تجعل أبا مسلم الشاميّ الخارجيّ الباغي المحارب إمام وقته زاهداً عابداً ناسكاً ذا كرامات ومقامات ، وتعرِّف سيّد غفار أشبه الناس بعيسى بن مريم زهداً وهدياً وبرّاً ونسكاً ، الممدوح بلسان النبيِّ الأعظم (١) شيوعيّاً اشتراكياً يموت في المعتقل. غفرانك اللّهمّ وإليك المصير.
ـ ١٢ ـ الربيع يتكلّم بعد الموت
عن ربعي بن خراش (٢) العبسي ، قال : مرض أخي الربيع بن خراش فمرّضته ثم مات فذهبنا نجهِّزه ، فلمّا جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال : السلام عليكم ، قلنا : وعليك السلام ، قد متّ ؟ قال : بلى ولكن لقيت بعدكم ربّي ولقيني بروح وريحان وربّ غير غضبان ، ثم كساني ثياباً من سندس أخضر ، وإنِّي سألته أن يأذن لي أن أُبشّركم فأذن لي ، وإنَّ الأمر كما ترون ، فسدِّدوا وقاربوا ، وبشِّروا ولا تنفّروا (٣).
وفي لفظ أبي نعيم : إنّه توفّي أخي ـ ربيع بن خراش ـ فبينا نحن حوله وقد بعثنا من يَبتاع له كفناً إذ كشف عن وجهه فقال : السلام عليكم. فقال القوم : وعليك السلام يا أخاه ! عيشاً بعد الموت ؟ يعني حياة. قال : نعم إنِّي لقيت ربِّي بعدكم فلقيت ربّاً غير غضبان ، واستقبلني بروح وبريحان واستبرق ، ألا وإنَّ أبا القاسم صلىاللهعليهوآلهوسلم ينتظر الصلاة عليَّ ، فعجّلوا بي ولا تؤخّروني ، ثم كان بمنزلة حصاة رمي بها في الطست (٤).
___________________________________
(١) راجع الجزء الثامن : ص ٣١٥ ـ ٣٢٤ الطبعة الأولى [ ص ٤٣٣ ـ ٤٤٦ من هذه الطبعة ].
( المؤلف )
(٢) كذا بالمعجمة في غير واحد من المصادر والصحيح كما في تهذيب التهذيب [ ٣ / ٢٠٥ ] : حراش ـ مهملة الأوّل. ( المؤلف )
(٣) تاريخ ابن كثير : ٦ / ١٥٨ [ ٦ / ١٧٥ ] ، الروض الأنف : ٢ / ٣٧٠ [ ٧ / ٥٧٥ ] ، صفة الصفوة : ٣ / ١٩ [ ٣ / ٣٧ رقم ٣٩٢ ]. ( المؤلف )
(٤) حلية الأولياء : ٣ / ٢١٢ [ ٤ / ٣٦٧ رقم ٢٨٨ ]. ( المؤلف )