وحسبك في عرفان خطر عمر بن عبد العزيز قول الإمام أحمد بن حنبل لمّا سُئل : أيّما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : لغبارٌ لحق بأنف جواد معاوية بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خيرٌ من عمر بن عبد العزيز (١).
وقال عبد الله بن المبارك : ترابٌ في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز. وفي لفظ : لترابٌ في منخري معاوية مع رسول الله خيرٌ وأفضل من عمر بن عبد العزيز (٢) فما خطر رجل يكون تراب منخر ابن هند أو منخر جواده أفضل منه حتى يُذكر في التوراة ، أو تبكي عليه السماء والأرض أربعين يوماً ؟ ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ) (٣).
ـ ٢٣ ـ رعاء الشاة في خلافة عمر بن عبد العزيز
قال اليافعي في روض الرياحين (٤) ( ص ١٦٥ ) : حُكي أنّه لمّا ولي عمر بن عبد العزيز رضياللهعنه الخلافة ، قال رعاء الشاة في رأس الجبال : من هذا الخليفة الصالح الذي قد قام على الناس ؟ فقيل لهم : وما أعلمكم بذلك ؟ قالوا : إنّه إذا قام خليفةٌ صالحٌ كفَّ الذئاب والأسد عن شياهنا.
قال الأمينيّ : ما أعرف السباع المفترسة في القرون الخالية بصالح الخلفاء من طالحهم ، حتى كفّت عن الفرس والعدوان جرياً على الصالح العامّ ؟ وما أجهل به الإنسان الظلوم الجهول حتى حاد عنه وخاصمه وعانده وحاربه وقاتله ؟ ولو كانت هذه السيرة مطّردة في السباع في كلِّ أدوار الحياة ، ولم يكن هذا الشعور الحيُّ من خاصّة سباع عصر عمر بن عبد العزيز ورعائه ، لكان لها أن تفني شياه الدنيا ولم
___________________________________
(١) شذرات الذهب : ١ / ٦٥ [ ١ / ٢٧٠ حوادث سنة ٦٠ هـ ]. ( المؤلف )
(٢) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٣٩ [ ٨ / ١٤٨ حوادث سنة ٦٠ هـ ] ، الصواعق ص ١٢٧ [ ص ٢١٣ ]. ( المؤلف )
(٣) الدخان : ٢٩.
(٤) روض الرياحين : ص ٣٤٧ رقم ٣٦٣.