الرجل فذهب به إلى خراسان إلى أهله فقالوا له : أنت مجنونٌ لولا أنّك ضيّعت مالك لذهب بك إلى الدار ، ولكن هذا شأن مجنون ، فبقي الرجل ما شاء الله ، فلمّا حضره النزع قال لأهله : اجعلوا هذا الكتاب في كفني ، فلمّا مات وضعوه في أكفانه وحملوه إلى القبر فأصبح حبيب بالبصرة وإذا الكتاب عنده في بيته وفي ذيله : يا أبا محمد إنَّ الله قد سلّم إليه القصر الذي اشتريته له. فذهب إلى أهل الرجل وقال لهم : إنَّ الله قد سلّم إلى أبيكم القصر ، وهذه العهدة فبصروا بها فإذا هي الكتاب الذي وضعوه معه في القبر.
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١) ( ٤ / ٣٢ ) وقال مهذِّبه : قد روى الحافظ هذه القصّة بإسناده من طريقين مطوّل ومختصر والمعنى واحد ، وهذه القصّة كانت لحبيب ، وأرجو أن لا يحوم حولها المدّعون فيجعلونها سلّماً لأكل مال الناس بالباطل ، فإنَّ أحوال أمثال حبيب لا يقاس عليها ولا تكون قاعدة للعمل.
ـ ٢٩ ـ حضور غائب بدعاء معروف
ذكر الإمام أبو محمد ضياء الدين الشيخ أحمد الوتري الشافعيّ المتوفّى بمصر في عشر الثمانين والتسعمائة في كتابه روضة الناظرين ( ص ٨ ) نقلاً عن خليل بن محمد الصيّاد أنّه قال : غاب أبي فتألّمت فجئت إلى معروف الكرخي المتوفّى ( ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٤ ) فقلت : غاب أبي ، فقال : ما تريد ؟ قلت : رجوعه. قال : اللّهمَّ إنّ السماء سماؤك ، والأرض أرضك وما بينهما لك ائت بمحمد. فأتيت باب الشام فإذا هو واقفٌ فقلت : أين كنت ؟ قال : كنت الساعة بالأنبار (٢) ولا أعلم ما صار.
___________________________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ٥٤ ـ ٥٥ رقم ١١٩٣ ، وتهذيب تاريخ دمشق : ٤ / ٣٥.
(٢) الأنبار : مدينة قرب بلخ. ومدينة على الفرات في غربي بغداد ، بينهما عشرة فراسخ. ( المؤلف )