لا تبهظ الخطيب وابن الجوزي هذه الأضحوكة ، ولا أحسب أنَّهما يصدّقانها ولكن لمّا كان يبهظهما وأمثالهما ما يؤثر (١) من أنَّ رأس مولانا أبي عبد الله السبط الشهيد صلوات الله عليه كان يقرأ القرآن الكريم على عامل السنان ، ولقد كانت هذه الأكرومة متسالماً عليها في العصور الخالية ، فنحتوا هذه الأفائك تجاهها تخفيفاً لتلك المنزلة الكريمة الخاصّة ببضعة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ـ ٣٣ ـ النبي يفتخر بأبي حنيفة
عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّه قال : إنَّ سائر الأنبياء تفتخر بي ، وأنا أفتخر بأبي حنيفة ، وهو رجل تقيّ عند ربّي ، وكأنَّه جبل من العلم ، وكأنّه نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، فمن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد أبغضني.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنَّ آدم افتخر بي ، وأنا أفتخر برجل من أُمّتي اسمه نعمان ، وكنيته أبو حنيفة ، هو سراج أُمّتي.
أسلفنا الروايتين مع جملة ممّا اختلقته يد الغلوِّ في الفضائل لأبي حنيفة في الجزء الخامس ( ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ) وذكرنا هنالك أنَّ أمّة من الحنفيّة بلغت مغالاتها فيه حدّاً ذهبت إلى أعلميّته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في القضاء.
وذكر الحريفيش في الروض الفائق ( ص ٢١٥ ) إنَّ من ورع أبي حنيفة رضياللهعنه أنَّ شاةً سرقت في عهده فلم يأكل لحم شاة مدّة تعيش الشاة فيها.
لا أدري لأيِّ خرافة أضحك ؟ ألفخر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم برجل استتيب من الكفر مرّتين (٢) والنبيّ مفخرة العالمين جميعاً صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي أُمّته من باهى به الله كمولانا
___________________________________
(١) سيوافيك حديثه في مسند المناقب ومرسلها إن شاء الله تعالى. ( المؤلف )
(٢) راجع الجزء الخامس : ص ٢٨٠. ( المؤلف )