قال ابن سعد في الطبقات (١) : سمّه معاوية مراراً ، لأنّه كان يقدم عليه الشام هو وأخوه الحسين.
وقال الواقدي : إنّه سُقي سمّاً ثم أفلت ، ثم سُقي فأفلت ، ثم كانت الآخرة توفّي فيها ، فلمّا حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه : هذا رجلٌ قطع السمّ أمعاءه ، فقال الحسين : « يا أبا محمد أخبرني من سقاك ؟ » قال : « ولِمَ يا أخي ؟ » قال : « أقتله والله قبل أن أدفنك ، وإن لا أقدر عليه أو يكون بأرض أتكلّف الشخوص إليه ». فقال « يا أخي إنّما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله ، وأبى أن يسمّيه ». وقد سمعت بعض من يقول : كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيه سمّاً (٢).
وقال المسعودي : [ عن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضياللهعنهم ، قال : دخل الحسين على عمّي الحسن بن علي ] (٣) لمّا سُقي السمّ ، فقام لحاجة الإنسان ثم رجع ، فقال : « لقد سقيت السمّ عدّة مرار فما سُقيت مثل هذه ، لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلّبه بعودٍ في يدي » ، فقال له الحسين : « يا أخي من سقاك ؟ » قال : « وما تريد بذلك ؟ فإن كان الذي أظنّه فالله حسيبه ، وإن كان غيره فما أُحبُّ أن يؤخذ بي بريءٌ ». فلم يلبث بعد ذلك إلّا ثلاثاً حتى توفي رضياللهعنه.
وذُكِر : أنَّ امرأته جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سقته السمّ ، وقد كان معاوية دسّ إليها أنّك إن احتلت في قتل الحسن وجّهت إليك بمائة ألف درهم ، وزوّجتكِ يزيد. فكان ذلك الذي بعثها على سمّه ، فلمّا مات الحسن وفى لها معاوية بالمال وأرسل إليها : إنّا نحبُّ حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لكِ بتزويجه !
وذكر : أنَّ الحسن قال عند موته : « لقد حاقت شربته ، وبلغ أُمنيّته ، والله ما وفى
___________________________________
(١) تتميم طبقات ابن سعد : ١ / ٣٥٢ ح ٣١٥.
(٢) تاريخ ابن كثير : ٨ / ٤٣ [ ٨ / ٤٧ حوادث سنة ٤٩ هـ ]. ( المؤلف )
(٣) من مروج الذهب.