صلاة ، فكأنّي اغتممت لفقد الماء ، فبينما أنا كذلك ، وإذا دبٌّ يمشي على رجليه كأنَّه إنسانٌ معه جرّة خضراء قد أمسك بيديه عليها ، فلمّا رأيته من بعيد توهّمت أنّه آدمي حتى دنا منّي وسلّم عليَّ ووضع الجرّة بين يديَّ ، فجاءني اعتراض العلم فقلت : هذه الجرّة والماء من أين هو ؟ فنطق الدبّ وقال : يا سهل إنّا قومٌ من الوحوش قد انقطعنا إلى الله تعالى بعزم المحبّة والتوكّل ، فبينما نحن نتكلّم مع أصحابنا في مسألة إذ نودينا : ألا إنَّ سهلاً يريد ماءً ليجدِّد الوضوء. فوضعت هذه الجرّة بيدي ، وإذا بجنبي ملكان فدنوت منهما فصبّا فيها الماء من الهواء وأنا أسمع خرير الماء. إلى آخر القصة.
روض الرياحين (١) ( ص ١٠٤ ، ١٠٥ ).
قال الأميني : سل عن هذه العجائب الدبَّ الطلِق الذلِق صاحب الجرّة الخضراء ، أو بقيّة الوحوش المنقطعة إلى الله بعزم المحبّة والتوكّل ، أو سل الملكين إن سهل لك السبيل إليهما ، وإن لم تجدهما فسل عقلك واتّخذه حكماً ، واستعذ بالله من هذه الأوهام المخزية.
ـ ٥٥ ـ قصّة فيها كرامتان
قال عبد الله بن حنيف رحمهالله : دخلت بغداد قاصداً الحجَّ ، ولم آكل الخبز أربعين يوماً ، ولم أدخل على الجنيد وكنت على طهارة ، فرأيت ظبياً على رأس البئر وهو يشرب وكنت عطشاناً ، فلمّا دنوت إلى البئر ولّى الظبي ، فإذا الماء في أسفل البئر ، فمشيت وقلت : يا سيدي ما لي محلّ هذا الظبي ؟ فنوديت من خلفي : جرّبناك فلم تصبر فارجع وخذ ، فرجعت فإذا البئر ملآنةٌ ماءً ، فملأت ركوتي ، فكنت أشرب منه وأتطهّر إلى المدينة ولم أنفذ ، ولمّا استقيت سمعت هاتفاً يقول : إنَّ الظبي جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت معك الركوة. فلمّا رجعت من الحجِّ دخلت الجامع ، فلمّا وقع بصر
___________________________________
(١) روض الرياحين : ص ٢١٨ رقم ١٩٨.