شيئاً في ذلك إلّا أنّه لا يتركها لحدّ الشهرة ويأخذ منها ، وكره مالك طولها جدّاً ، ومنهم من حدّد بما زاد على القبضة فيزال ، ومنهم من كره الأخذ منها إلّا في حجّ أو عمرة.
٢ ـ قال الغزالي في الإحياء (١) ( ١ / ١٤٦) : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اعفوا اللحى ». أي كثّروها ، وفي الخبر : إنَّ اليهود يعفون شواربهم ، ويقصّون لحاهم ، فخالفوهم. وكره بعض العلماء الحلق ورآه بدعة. وقال (٢) في ( ص ١٤٨ ) : وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل : إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس ، فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين ، واستحسنه الشعبي وابن سيرين ، وكرهه الحسن وقتادة وقالا : تركها عافية أحبّ ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اعفوا اللحى ». والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب ، فإنَّ الطول المفرط قد يشوِّه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز (٣) إليه ، فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النيّة.
٣ ـ قال ابن حجر في فتح الباري (٤) ( ١٠ / ٢٨٨ ) عند ذكر حديث نافع : كان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.
الذي يظهر أنَّ ابن عمر كان لا يخصُّ هذا التخصيص بالنسك ، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تشوّه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه ، فقد قال الطبري : ذهب قومٌ إلى ظاهر الحديث ، فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها ، وقال قومٌ : إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد ، ثم ساق بسنده إلى ابن عمر أنَّه فعل ذلك ، وإلى عمر أنَّه فعل ذلك برجل ، ومن طريق أبي
___________________________________
(١) إحياء علوم الدين : ١ / ١٢٩.
(٢) المصدر السابق : ١ / ١٣١.
(٣) في المصدر : بالنبذ.
(٤) فتح الباري : ١٠ / ٣٥٠.