المراد أنّه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته ، بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذَّ منها ، فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة ، فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته ، قال أبو شامة : وقد حدث قومٌ يحلقون لحاهم وهو أشدّ ممّا نقل عن المجوس أنَّهم كانوا يقصّونها. وقال النووي (١) : يستثنى من الأمر بإعفاء اللحى ما لو نبتت للمرأة لحية فإنّه يستحبُّ لها حلقها ، وكذا لو نبت لها شاربٌ أو عنفقة.
٤ ـ قال المناوي في فيض القدير ( ١ / ١٩٨ ) : اعفوا اللحى : وفّروها (٢) ، فلا يجوز حلقها ولا نتفها ، ولا قصّ الكثير منها ، كذا في التنقيح ، ثم زاد الأمر تأكيداً مشيراً إلى العلّة بقوله : ولا تشبّهوا باليهود في زيّهم الذي هو عكس ذلك ، وفي خبر ابن حبّان (٣) بدل اليهود : المجوس. وفي آخر : المشركين. وفي آخر : آل كسرى. قال الحافظ العراقي : والمشهور أنَّه من فعل المجوس فيكره الأخذ من اللحية ، واختلف السلف فيما طال منها فقيل : لا بأس أن يقبض عليها ويقصّ ما تحت القبضة كما فعله ابن عمر ، ثم جمع من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين ، وكرهه الحسن وقتادة ، والأصحُّ كراهة أخذ ما لم يتشعّث ويخرج عن السمت مطلقاً.
٥ ـ قال السيّد عليّ القاري في شرح الشفا للقاضي (٤) : حلق اللحية منهيٌّ عنه ، وأمّا إذا طالت زيادة على القبضة فله أخذها.
٦ ـ في شرح الخفاجي على الشفا ( ١ / ٣٤٣ ) : وتقصير اللحية حسنٌ كما مرَّ ، وهيئته تحصل بقصِّ ما زاد على القبضة ، ويؤخذ من طولها أيضاً ، وأمّا حلقها فمنهيٌّ عنه لأنّه عادة المشركين.
___________________________________
(١) شرح صحيح مسلم للنووي : ٣ / ١٤٩.
(٢) عبارة ( وفروها) هي شرح المناوي لكلمة (أعفوا) في الحديث : « أَحفوا الشوارب وأعفوا اللحىٰ ».
(٣) الإحسان في صحيح ابن حبّان : ١٢ / ٢٨٨ ح ٥٤٧٥.
(٤) هامش شرح الخفاجي : ١ / ٣٤٣. ( المؤلف )