بالبحر المحيط ؟ فدفعني بين كتفي فإذا أنا بجزيرة والبحر محيطٌ بها وَثمَّ مسجدٌ فدخلته ، فرأيت شيخاً مهيباً يفكّر ، فسلّمت عليه وبلّغته الرسالة ، فبكى وقال : جزاه الله خيراً ، فقلت : يا سيدي ما الخبر ؟ فقال : اعلم أنّه أحد السبعة الخواصّ في النزع ، وطمحت نفسي وإرادتي أن أكون مكانه ، ولم تكمل خطرتي حتى أتيتني ، فقلت : يا سيّدي ، وأنّى لي بالوصول إلى جبل هكار ؟ فدفعني بين كتفي فإذا أنا بزاوية الشيخ عديّ ، فقال لي : هو من العشرة الخواصّ.
قال الأميني : الجنون فنون ، وأرقّها جنون الحبِّ والمغالاة في الفضائل.
ـ ٦٩ ـ عبد القادر يحيي دجاجة
قال اليافعي في مرآة الجنان ( ٣ / ٣٥٦ ) : روى الشيخ الإمام الفقيه العالم المقري أبو الحسن عليّ بن يوسف بن جرير بن معضاد الشافعيّ اللخميّ في مناقب الشيخ عبد القادر (١) بسنده من خمس طرق ، وعن جماعة من الشيوخ الجلّة أعلام الهدى العارفين المقتنين للاقتداء ، قالوا : جاءت امرأة بولدها إلى الشيخ عبد القادر فقالت له : يا سيّدي إنّي رأيت قلب ابني هذا شديد التعلّق بك ، وقد خرجت عن حقّي فيه لله عزَّوجلَّ ولك ، فقبله الشيخ وأمره بالمجاهدة وسلوك الطريق ، فدخلت أُمّه عليه يوماً فوجدَته نحيلاً مصفرّاً من آثار الجوع والسهر ، ووجدَته يأكل قرصاً من الشعير فدخلت إلى الشيخ فوجدت بين يديه إناء فيه عظام دجاجة مسلوقة قد أكلها ، فقالت : يا سيّدي تأكل لحم الدجاج ويأكل ابني خبز الشعير ؟ فوضع يده على تلك العظام وقال : قومي بإذن الله تعالى الذي يحيى العظام وهي رميمٌ. فقامت الدجاجة سويّة وصاحت ، فقال الشيخ : إذا صار ابنك هكذا فليأكل ما شاء.
___________________________________
(١) الشيخ السيّد عبد القادر بن أبي صالح موسى الحسني الجيلاني ، مؤسّس الطريقة القادرية. من كبار المتصوّفين ، ولد في ٤٩١ بجيلان ـ وراء طبرستان ـ وانتقل إلى بغداد شاباً ، وتوفّي سنة ٥٦١ ودفن ببغداد وقبره مشهور يزار. ( المؤلف )