واعطني روح خادمي فلان ، وسمّاه باسمه ، فقال ملك الموت : إنّي أقبض الأرواح بأمرٍ إلٰهيٍّ وأؤدّيها إلى باب عظمته ، كيف يمكنني أن أعطيك روح الذي قبضته بأمر ربّي ؟ فكرّر الشيخ عليه إعطاء روح خادمه إليه ، فامتنع من إعطائه ، وفي يده ظرفٌ معنويٌّ كهيئة الزنبيل فيه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم ، فبقوّة المحبوبيّة جرَّ الزنبيل وأخذه من يده ، فتفرّقت الأرواح ورجعت إلى أبدانها ، فناجى ملك الموت عليهالسلام ربّه وقال : يا رب أنت أعلم بما جرى بيني وبين محبوبك ووليّك عبد القادر ، فبقوّة السلطنة والصولة أخذ منّي ما قبضته من الأرواح في هذا اليوم. فخاطبه الحقّ جلَّ جلاله : يا ملك الموت إنَّ الغوث الأعظم محبوبي ومطلوبي لِمَ لا أعطيته روح خادمه ؟ وقد راحت الأرواح الكثيرة من قبضتك بسبب روح واحد ، فتندّم هذا الوقت (١).
ـ ٧٣ ـ وفاة الشيخ عبد القادر
ذكروا : أنّه لمّا قربت وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني جاء سيّدنا عزرائيل عليهالسلام بمكتوب ملفوف من الربِّ الجليل في وقت غروب الشمس وأعطاه ولده الشيخ عبد الوهاب ، وكان مكتوباً على ظهره : يصل هذا المكتوب من المحبِّ إلى المحبوب.
فلمّا رآه ولده بكى وتحسّر ودخل بالمكتوب مع سيّدنا عزرائيل عليهالسلام على حضرة الشيخ ، وقبل هذا بسبعة أيّام كان معلوماً لدى الشيخ انتقاله إلى العالم العلويّ ، وكان مسروراً ودعا الله لمحبّيه ومخلصيه بالمغفرة ، وتعهّد أن يكون لهم شفيعاً يوم القيامة ، وسجد لله تعالى وجاء النداء : يا أيّتها النفس المطمئنّة ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة. وضجَّ عالم الناسوت بالبكاء ، وابتهج عالم الملكوت باللقاء (٢).
___________________________________
(١) تفريح الخاطر في ترجمة عبد القادر : ص ٥ ، ١٢ طبعة مصر ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركائه سنة ١٣٣٩. ( المؤلف )
(٢) تفريح الخاطر : ٣٨. ( المؤلف )