الليلة ، ولشدّة حرصه على النوبة نسي ذلك ، فبادر إلى حمّام جوار المدرسة فاغتسل ورجع قبل فراغ الثاني والشيخ قاعدٌ أعمى ، فلمّا فرغ الثاني قال الشيخ : من جاء أوّلاً فليقرأ. وهذا من أحسن ما وقع لشيوخ هذه الطائفة بل لا أعلم مثله وقع في الدنيا.
مفتاح السعادة (١) ( ١ / ٣٨٨ ).
قال الأميني : ليس الأمر كما حسبه الجزري من أنَّ هذه الحالة من خاصّة الشاطبي وما وقع مثلها في الدنيا ، وقد أسلفنا ذكر جماعة حسبوا أنّهم كانوا يخبرون عن الضمائر ويعلمون المغيّب ، وكأنّ القوم اتّخذوا المغيّبات أُلعوبة يطلُّ عليها كلُّ أعمى أو بصير ، أو أنَّ الغلوَّ في الفضائل أسفَّ بهم إلى هذه الهوّة.
ـ ٧٧ ـ الحشرات تنحدر في الوادي
قال عمر بن عليّ السرخسي : كنت مراهقاً وقت موت الوخشي (٢) الحافظ أبي علي الحسن بن عليّ البلخي (٣) فحضرته ، فلمّا وُضِع في القبر سمعنا صيحة ، فقيل : خرجت الحشرات من المقبرة ، وكان في طرفها وادٍ انحدرت إليه ، وأبصرت العقارب والخنافس وهي منحدرةٌ في الوادي والناس ما يتعرّضون لها.
ذكره الحافظ الذهبي في تذكرة الحفّاظ (٤) ( ٣ / ٣٤٤ ).
قال الأميني : دع الحشرات تنحدر ، وانظر إلى عقل هذا الحافظ راوي هذه المهزأة فإنّه يخبت إلى مثل هذه الأسطورة ويراها مدحاً لرجال قومه ، فما بال العقارب
___________________________________
(١) مفتاح السعادة : ٢ / ٤٣.
(٢) نسبة إلى وخش : قرية من أعمال بلخ [ معجم البلدان : ٥ / ٣٦٤ ]. ( المؤلف )
(٣) هو الحافظ أبو عليّ الحسن بن عليّ بن محمد بن جعفر الوخشي سافر في طلب الحديث ، وتنقَّل بين خراسان وبغداد ومصر ودمشق توفّي سنة ٤٥٦.
(٤) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ١١٧٢ رقم ١٠٢٥.