معطٍ قيل له في النوم : اذهب إلى الفقيه إسماعيل الحضرمي واقرأ عليه النحو ، فلمّا انتبه تعجّب لكون الحضرمي لا يحسنه ثم قال : لا بدَّ من الامتثال ، فدخل عليه وعنده جمعٌ يقرؤون الفقه ، فبمجرّد رؤياه قال : أجزتك بكتب النحو ، فصار لا يطالع فيه شيئاً إلّا عرفه بغير شيخ.
قال الأميني : خذ العلم من أفواه الرجال أو من إجازاتهم ، ما أكثر ما سمعنا التعلّم بالدراسة ! لكن هل سمعت أذناك تعلّماً بإجازة أو تزريقاً للعلم بكلمة واحدة ؟ وهل سمعت أكرومة مثلها عن أحد من الرسل ؟ أو أنَّها فضيلة اختصّ بها الحضرميّ ؟ ولم يتح مثله لأيّ أحد ، حتى أنَّ النبيّ الأعظم لم يعلّم عمر بن الخطّاب الكلالة بالإجازة وكان يقول : أراك لم تعلمها. ويقول لبنته حفصة : أرى أباك لم يعلمها. إلى مئات من مجهولات الخليفة التي لم يتوفّق لاستكناهها بإشراق ، أو إجازة ، أو دراسة ، مع حاجته الماسّة إليها يوم تسنّم عرش الخلافة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان غير عازب عن علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم وحاجة الأُمّة إليها ، ولم تكن تلكم المجهولات كعلم النحو الذي لا تقوم به دعامة الإسلام والقضاء والفتيا ، أضف إليه أخاه يوم المؤاخاة الخليفة الأوّل ، وما أكثر مجهولاته وما خفي عليه من معالم الدين وأحكام الشريعة ! وليت باب التعليم بالإجازة كان مفتوحاً منذ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعلّم صلىاللهعليهوآلهوسلم ثالث الخلفاء الراشدين عثمان معالم دينه ، ولم تك تشوّه صفحات الفقه الإسلامي بآرائه الشاذّة عن الكتاب والسنّة.
ـ ٨٠ ـ الحضرمي وأصحاب القبور
ذكر السبكيّ في طبقاته (١) ( ٥ / ٥١ ) ، واليافعيّ في رياضه (٢) ( ص ٩٦ ) عن إسماعيل الحضرميّ المذكور : أنّه مرَّ على بعض المقابر في بلاد اليمن فبكى بكاءً شديداً ،
___________________________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى : ٨ / ١٣١ رقم ١١١٧.
(٢) روض الرياحين : ص ٢٠١ رقم ١٦٥.