وعلاه حزن وترح ، ثم ضحك ضحكاً حميداً ، وعلاه في الحال سرورٌ وفرح ، فتعجّب الناس الحاضرون هنالك وسألوه عن ذلك ، فقال رضياللهعنه : كشف لي عن أهل هذه المقبرة فرأيتهم يعذَّبون فحزنت وبكيت لذلك ، ثم تضرّعت إلى الله سبحانه وتعالى فيهم ، فقيل لي : قد شفّعناك فيهم ، فقالت صاحبة هذا القبر : وأنا معهم يا فقيه إسماعيل أنا فلانة المغنّية. فضحكت وقلت : وأنت معهم. ثم إنّه أرسل إلى الحفّار وقال : من في هذا القبر القريب العهد ؟ قال : فلانة المغنّية التي تشفّع لها الشيخ نفع الله تعالى بها.
قال الأميني : أنا لا أدري بأيّها أعجب ؟ أبدعوى الحضرميِّ اطّلاعه على عالم البرزخ وقبول شفاعته في أهل تلك الجبّانة حتى في المغنّية ؟ أم باطّلاع الحفّار على ذلك السرِّ المصون ؟ أم بوقوف المغنّية على تلك الشفاعة والتشفّع في الحين ، ومفاوضتها مع الفقيه في أمرها وهي في قبرها ، من دون أي سابقة تعارف بينهما ؟ وإذا كان الكلّ لم يقع فلا تمايز بين الأعدام ، وإنّما العجب من بخوع الأعلام لمثل هذه الأوهام.
ـ ٨١ ـ ردّ الشمس لإسماعيل الحضرمي
أسلفنا في الجزء الخامس صفحة ( ٢٣ ) وقوف الشمس لإسماعيل الحضرمي يوم قال لخادمه وهو في سفر : قل للشمس تقف حتى نصل إلى المنزل. فوقفت حتى بلغ مقصده ، ثم قال للخادم : أما تطلق ذلك المحبوس ؟ فأمرها الخادم بالغروب فغربت وأظلم الليل في الحال.
ذكرها كما مرّ السبكي في طبقاته ( ٥ / ٥١ ) ، واليافعي في مرآته ( ٤ / ١٧٨ ) ، وابن العماد في شذراته (١) ( ٥ / ٣٦٢ ) ، وابن حجر في الفتاوى الحديثيّة (٢) ( ٢٣٢ ).
___________________________________
(١) شذرات الذهب : ٧ / ٦٣١ حوادث سنة ٦٧٨.
(٢) الفتاوى الحديثية : ص ٣١٦.