ببركته رضي الله عنه ونفع به.
ـ ٩٥ ـ السروي يطير ويرسم للفأر
قال ابن العماد في شذرات الذهب (١) ( ٨ / ١٨٧ ) : توفّي شمس الدين محمد السروي الشهير بابن الحمائل (٢) سنة ( ٩٣٢ ) ، وكان كثير الطيران من بلد لآخر ، وكان يغلب عليه الحال ليلاً ، فيتكلّم بألسنة غير عربيّة من عجم وهند ونوبة وغيرها. إلى أن قال :
ومن كراماته أنّه شكى له أهل بلد كبير الفأر في مَقثأة (٣) البطّيخ ، فقال لرجل : ناد في الغيط : رسم لكم محمد بن أبي الحمائل أن ترحلوا ، فلم يبق فيها فأر ، فسأله أهل بلد آخر في ذلك فقال : الأصل الإذن ولم يفعل.
قال الأميني : تصكُّ الآذان مكرمة الطيران من بلد إلى آخر ، ولم تجدها في الأُمم السالفة حتى في معاجز الأنبياء ، مرحباً بأُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يوجد فيها من يطير بلا جناح موهوب لجعفر بن أبي طالب عليهماالسلام الذي يطير به في الجنّة ، أو يتجوّل به في ذلك العالم اللطيف ، ولا بدع إذ الأمّة للرقيّ والتقدّم ، ويوم جعفر غير يوم أبي الحمائل ، واكتشافات القرن العشرين غير القرون الأولى وعصور الأُمم الغابرة !
ومن غلبة الحال على أهل الحال ليلاً يتأتّى التوسّع في اللغات ، ويمكن للرجل التكلّم بأيِّ لغة ، إذ الليل له شأنٌ من الشأن ، ولغاتها غير لغات النهار ، وهناك جزر ومدّ ، ولفّ ونشر على قسميه ، مرتّباً ومشوّشاً ، نعوذ بالله من هذيان الليل وسفه النهار.
___________________________________
(١) شذرات الذهب : ١٠ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٢) في شذرات الذهب : ابن أبي الحمائل ، وفي طبقات الشعراني : ٢ / ١٢٦ : أبي الحمائل.
(٣) مَقثأة البطّيخ : موضعه.