خاتمة البحث
فذلكة المقام والقول الحاسم بعد هذه الأبحاث المطنبة المفصّلة في غضون الجزء السادس وهلمَّ جرّاً إلى هذه الصحيفة ، في ذكريات الخلفاء الثلاثة ، ومن بعدهم رابعهم معاوية بن أبي سفيان ، ومن اقتصَّ أثرهم من الصحابة ، ومن بعدهم من الذين سمّوهم بالأولياء والأئمّة والعلماء ، من شتّى نواحيها ، أنَّ الغاية الوحيدة هو تعريف الملأ الدينيّ بالغلاة في الفضائل ، ومن ذا الذي يحقُّ له هذا الاسم الغالي ؟ هل هو في أُولئك الذين تمسّكوا بحجزة أهل بيت الوحي الرافلين في حلل الفضائل والفواضل ، الممدوحين بلسان الوحي ، ومنطق الذكر الحكيم ، ونصوص نبيّ الإسلام عند فرق المسلمين جمعاء ، ولقد طأطأت لهم المفارق ، وخضعت لهم الرقاب ، ولم يبقوا في مستوى المآثر والمفاخر مرتقىً إلّا وتسنّموه ، ولا مبوّأ كرامة إلّا وحلّوا فيه ؟
أو هل تجد الغالي في هؤلاء الذين ذكرناهم ؟ أم في المقتصّين أثر قوم ليس لهم نصيبٌ من الفضل إلّا أحاديث مفتعلة ، وفخفخات كاذبة ، وتمحّلات باردة ، وأساطير مسطّرة ، ولهم تاريخ حشوه المخازي تمضي معه الهفوات أينما سلك ؟
ومن هوان الدهر أنَّ المربي بهؤلاء عن حدودهم ، والمثبت لهم ما لا يثبته لهم العقل والمنطق ، وما هو خارجٌ عن طورهم ، ومباين لنفسيّاتهم لا يُعدُّ غالياً ، ولكنّما الغلاة هم المتحيّزون إلى فئة الوحي ، وأُسرة النبوّة ، ومنبثق أنوار الهدى ، الذين لا يطيش سهمك في أيِّ مأثرة من مآثرهم ، ولا يخفق ظنّك في أيٍّ من تقدّمهم ورُقيّهم ونبوغهم ، وهم المخوّلون من المولى سبحانه بأكثر من ذلك النزر اليسير الذي ذكرته لهم الرواة ، ولهجت به أئمّة الحديث ، وحفّاظ الأثر في المستفيض والمتواتر من الصحاح والمسانيد.
وإنَّما عقدنا هذه
الأبحاث الضافية لتنوير البصائر وتنبيه الأفكار ، حتى يميّز